الثلاثاء، 16 أغسطس 2016

(طرفي الإنسان ) بقلم : رسول مهدي الحلو . العراق / النجف 2016 / 8 / 15

(صفحة الأدب )
(طرفي الإنسان )
أحتدم الجدال بين طرفي الإنسان حتى وصل إلى ذروته فقررا إن يجلسا مجلساً عاماً يحضرة الناس ومنهم المؤيدين لكل طرف وكان الموعد يوم الزينة ،،
فلازال العقل يصر على أنه هو الأفضل وهو الذي يرفع من قيمة الإنسان وهو ضالة الاستقطاب ولولاه لكانت المعمورة في غياهب الجهل والدمار .
هز الحظ رأسه ضاحكاً بأستهزاء قائلاً له نحن لا ننكر عليك فضلك ودورك في ما ذكرت لكنك لست الأفضل رغم كل ذلك ،،
اما قولك لولاك لكانت المعمورة في غياهب الجهل والدمار ،
فاليوم المعمورة غارقة بمانفيته عنها وزيادة ،
وما أعنيه لا يخرج من دائرة الإثبات ففضلي بأن جميع الناس يطلبونني طلب العشيق لمعشوقته حتى ضربت بي الأمثال .
تأمل العقل في كلام خصمه وأثارت أنتباهه كلمة
( دائرة الإثبات ) فرد عليه إن الدليل والإثبات من شأني وأختصاصي وأنت آخر من يتكلم في ذلك ، ولاتنسى إنك أتيت من خارج الأصول والقواعد ولازالت أمك الصدفه تصرخ جهاراً نهاراً إنك أبنها الوحيد ،
فيأبن الصدفة لاتركب غير مركبك ولاترقى غير سلمك ولا تنازع الأمر أهله ،
فأن مجدي علا سنام الشمس وسؤددي ركزت راياته ظهر القمر والعباقرة أبنائي والعلماء أحفادي وبهم غزوت السماء وعمرت الأرض وإنا الذي كافحت المفتكات التي كانت تفتك بالناس من الأمراض والأزمنة والسيول والفيضانات وماوصل إليه العالم من حداثة وتطور كله بأسمي وأبنائي ،
كن منصفاً وقر بعلو فضلي وسامق مجدي وأنك الأدنى مني .
أطرق الحظ لهذة الكلمات التي كانت أشد من حز السيوف على قلبه وأنها تدوي في مسامعه كما تدوي زمجرة الرعود ،
لملم شتاته المبعثر وأستجمع قواه الخائرة للرد على تلك الكلمات النارية واللكمات الجهنمية ،
قائلاً : لم نأتي إلى هنا لنتعاير بالأنساب والأحساب وأنما كان رهاننا على أيهما الأفضل والميزان في ذلك هو محل الطلب والاستقطاب وإذا كان ماذكرته من مجد وسؤدد وعباقرة وعلماء فأنا شريكك في ذلك ، فكم من ضربة حظ أفادتكم في تجاربكم ومختبراتكم من أرادتكم لشيء فتكتشفون شيء آخر فكل ذلك لي ،
ثم إن المحظوظين من أصحاب السياسة والقيادة والملوك وأصحاب الطرب واللعب والمبارزات كلهم أبنائي وأحفادي وهم اليوم لهم الشهرة والصيت وهرج الناس حولهم حباً وأعجابا وإن المسموعة والمرئية تسبح بجلالهم ليلاً ونهاراً فأنا شريكك في بعضك وأنت لاسهم لك عندي ، تنازل عن غرورك وأعترف بأن الناس تطلبني أكثر منك وبذلك إنا الأفضل .
تغيرت تقاسيم وجه العقل بعض الشيء نحو الأحمرار والغضب حاول إن يظهر نفسه غير آبه فأجاب يبدو إن جدالنا عقيم وإن كفتي الميزان لم تميلا لأحد منا مارأيك بوسيلة أخرى ،
لاحت تباشير النصر في وجه الحظ بما إن العقل طلب وسيلة أخرى فيعني ذلك آية للإستسلام ،
وماهي وسيلتك أيها العقل ؟
قال العقل أترى تلك الوردة كم هي نظرة وجميلة ؟
أجابه الحظ نعم .
قال العقل سوف أدخل في روحها بضعة أيام وكذلك أنت لنرى كيف يكون مصيرها في الحالين ؟
قال الحظ نعم أتفق معك .
دخل العقل روح الوردة فأصبحت عاقلة وأخذها كبرياء جمالها وعنفوان عطرها إلى التكبر والسمو فلم تسمح لأحد بمسها أو شمها ومنعت النحل من رحيقها والفرشات من عبقها فنبذها الجميع حتى عاشت فترة تعقلها في عزلة تامة .
جاء دور الحظ فعادت الوردة إلى ما كانت عليه من عهدها السابق بل أصبحت أكثر رغبة بها من قبل الجميع ناساً ونحلاً وفراشات .
رسول مهدي الحلو .
العراق / النجف
2016 / 8 / 15



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية

Text Widget

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل