الأربعاء، 17 أغسطس 2016

بدلة عيد: حسين وشيح الساعدي/ 2014

كان ذلك في العام ..1963 كنت حينها في الصف الثاني الابتدائي لم يتجاوز عمري التسعة أعوام ووالدي كان يعمل في بغداد العاصمة ....وفي فترة نهاية كل اسبوع كان يأتي حامﻻ معه المال وبعض الهدايا .... وقد صادف أن حل عيد الفطر مع موعد قدومه فاخذنا انا واخوتي إلى سوق المدينة واشترى لكل واحد منا بدلة جديدة مع ملحقاتها .....
أخذت بدلتي التي تفوح منها رائحة النظافة ومعقمات الخزن....
وطويتها بعناية ووضعتها قرب وسادتي والفرحة تغمرني منتظرا الصباح بفارغ الصبر .... عندما استيقظت كان أول شيء
رأته عيني هو البدلة لبستها مزهوا وأبي ينظر إلي فرحا مبتسما . ..سيما واني لأول مرة البس بدلة متل الكبار وهكذا انقضت ثﻻثة أيام العيد وعيني لم تفارق البدلة طويتها بعد انقضاء العيد واودعتها صندوقا خشبيا كانت امي تخزن فيه مﻻبس اﻻسرة..... وعند حلول العيد الثاني لم يأتي أبي لمرض أصابه علمنا ذلك بعد حين رحت أفكر كيف ساخرج غدا بﻻ بدلة جديدة .... أمر اقلقني كثيرا واحزنني كثيرا لكن فكرة خطرت لي وتسائلت مع نفسي ..... لم ﻻاغسلها ؟؟ فتصير بدلة ﻻمعة نظيفة وبعدها ساضعها تحت فراشي ﻻجل كيها.....
أحضرت قدرا كبيرا ووضعت فيه الماء حتى أمتلأ ووضعت البدلة فيه ثم وضعت القدر على الموقد النفطي مع مسحوق الغسيل وأخذ الماء بالغليان لم أكن ﻻفعل هذا لو كانت امي موجودة ولكني علمت أنها ذهبت الى بيت أمها القريب (جدتي)
وكان اخوتي وهم أكبر مني قد انطلقوا الى الشارع ليلعبون..... بعد ساعة من الغليان أتيت إلى القدر واطفات الموقد لم يبق من الماء اﻻ القليل .... وكان البخار يتصاعد مثل غيمة
استخدمت عصى وذلك ﻻخراج بدلتي من القدر لشدة الحرارة وعندما رفعت الجاكيت لم ارى غير خيوطا متناثرة لياقة الجاكيت.... وباقيه ظل بالقدر أخرجت الباقي البنطلون الذي اتاني بساق واحدة متهراة.... ألقيت العصا بعصبية واضحة وسألت دموعي مثل حمم بركانية وجعلت أبكي بحرقة كبيرة ..... وأتت امي لم توبخني بل أخذت تبكي بصوت يخالطه النشيج
لم أخرج في هذا العيد
يوميات وهرطقات مجنون@
بدلة عيد@
حسين وشيح الساعدي@
2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية

Text Widget

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل