الأربعاء، 13 يوليو 2016

بكاء: حسين وشيح الساعدي/ 2016/7

أنف عريض جثم كتمثال ابي الهول على رقعة الوجه الواسعة....حاجبان كثيفان ترهلا على عينين حاربتهما الدموع وعبث فيهما الزمن فبدتا اصغر من حجمهما الطبيعي بكثير ذات جفنين مرتخيين بنصف أغماضة ...شعر انحسر بالكامل من الجبهة ومن الاعلى إلا من منتصف الاذنتين فقد استطال وغطى ياقة الجلباب ..وكأن الشعر من الاعلى ومن الجبين قد أزيح بشفرة حلاقة على يد حلاق ماهر ...فم كشق في جدار أو مثل زورق كتلك المنتشرة في اهوار جنوب العراق ...الاسنان سقطت بين قلع ونخر ولم يبقى منها شيء منذ زمن بعيد الامر الذي جعل عضلات فكيه قوية جدا اذ يضطر الى اطباقهما أثنا الاكل بحركة أطول ...جسد ضخم متساو من الاعلى الى الاسفل ..قدمين ضخمين استطالت اظافرهما وتحول لونهما الى مزيج من البني والرصاصي ....يديه ضخمتان أيضا ..عندما يراهما المرء يتذكر الانسان القديم وقوة عضلاته اليداليسرى ثبت باهمها بشكل افقي لايستطيع تحريكه كما ان باقي الاصابع تتحرك حركة ضئيلة جدا واليد اليمنى بدت اكثر حركة ومرونة بقليل اكثر من صاحبتها ...أذا جلس وأراد القيام ...ينهض بصعوبة بالغة واذا أراد المشي فسيخيل اليك طائر البطريق.وهو يمشي على البلاط ...كان يمشي بصعوبة بالغة ..فقد أصيب بجلطة دماغية منذ عشر سنين ...غامض وحزين تكاد تقرأ في عينيه ألم الماضي وترسباته .... قال أبنتي الوحيدة ماتزال حية ترزق وهي متزوجة ولها أولاد ....وجعل يبكي ...أتعلم ياصاحبي ...بأمكاني المكوث عندها ...ولكني اخجل من زوجها ...وعندي أخ يقيم في بغداد توفى قبل خمسة سنوات ومازال ابناؤه يرسلون الي الرسائل والارصدة ....فلماذا أذهب اليهم .....وجعل يبكي...تجاوز الخامسة والسبعين واستقر وحيدا في غرفة قد اجرها بثمن بخس .وأردف..بعد مرضي ....اتيت الى هنا كي لاأسبب أية أحراج لبنتي ولأولاد أخي ....هنا افضل.......اذا سألته عن اغنية قديمة فسيرد عليك وبسرعة كبيرة ارشيف سينمائي وغنائي.....اي اغنية يسمعها يبكي حتى وأن كانت تتحدث عن زفة عرس.... كنت أزوره بين حين وآخر واجلس معه.. يملك تلفازا صغير وضعه بعناية فائقة على ثلاجته الوحيدة .....كنت أبكي لبكاءه .....مرة شاهدت معه برنامج منوعات غنائية .....بكى لأغاني الفرح وبكى لأغاني الحزن .....وبكيت معه بل أكثر منه.......
يوميات وهرطقات مجنون@@@@
بكاء@@
حسين وشيح الساعدي@@@
2016/7

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية

Text Widget

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل