الجمعة، 24 نوفمبر 2017

من دفاتر عتيقة: عبدالزهرة خالد البصرة / ٢٤-١١-٢٠١٧

من دفاتر عتيقة
—�—�—�—�—�
في شباط عام ١٩٩٦ اليوم الثاني من رمضان 
تعودت في كل صباح أن أوقع دفتر الحضور بوصولي المبكر الى دائرتي وأتجول في السوق الكبير القريب منها .
كان في ذهني الكثير بعد السحور خاصة كانت حالتي المادية ضعيفة جداً وقد استنزفت الكثير من موجوداتي ومقتنياتي بعدما أستهلكت قيمة الدار الذي بعته قبل عامين ولم يبق منه إلا وجبة طعام واحدة.

المفاجأة لم أستدرك تفسيرها وفك لغزها وجدت أحد الباعة واقفاً فوق منضدة ويضرب رأسه بقوة ب( نعال ) حيث كانت بضاعته لينادي بسعرها البخس. زاد فضولي بالتوغل في داخل السوق فوجدت العجب أسعار الملابس أصبحت زهيدة مقارنة بسعرها ليلة البارحة وكذلك شملت كافة السلع والبضائع. وأول ما فكرت به سأشتري حاجات لمائدة الفطور بعد نهاية الدوام .
الغريب عندما وجدت جمهرة من الناس في أبواب الفرع الذي أعمل فيه كمسؤول عن التأديات الخارجية والعملة الأجنبية والتي باتت في وقتها خاملة جامدة بسبب الحصار الأقتصادي.
بعد الاتصال مع الادارة العامة لمعرفة سعر صرف الدولار الذي أصبح خمسة وأربعين ألف دينارا لفئة مائة دولار في حين يوم أمس كان سعرها يقارب عشرة أضعافها.
وقبل الفطور بساعتين نزلتُ من سيارة التكسي التي ستأجرتها لنقل السلع وأفاجأ بها أسرتي بعدما شرحت لهم أن هناك خطب ما حدث في أقتصاد البلد بهبوط حاد في كافة الأسعار وحدث ما حدث ، فالموظفون فرحون لهذا الهبوط والتجار وأصحاب رؤوس الأموال أصابتهم نكسة لن ينسوها أبداً ومنهم من أصابته جلطة أودت بحياته ومنهم أعلن أفلاسه النهائي وأصبح مقعداً كالمشلول لا يقدر على الحركة .
وسمعت في اليوم الثاني من أحد الأغنياء وهو يعيب على من يشتري اللحم بقوله ( أنه من الكفر لمن هب ودب بامكانه شراء اللحوم ) ولم يعلم أو يكترث أنا أحدهم لقد فارقت شراء هذه المادة منذ سنة أو أكثر .
على كل حال لم يستمر الوضع على ما هو عليه إلا أيام قليلة وعادت الأمور تدريجياً بالأرتفاع بعد ما جرفت من سهل جرفه وسحله الى وادي النهاية
وسقط الكثير أما أنا فقد ماتت أحلامي وشطبت كل مخططاتي في استغلال هذا الظرف وعاد الفقر والعوز من جديد بعد نهاية شهر رمضان مباشرة .

—�—�—�—�—�—�—�—�—
عبدالزهرة خالد
البصرة / ٢٤-١١-٢٠١٧



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية

Text Widget

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل