الأحد، 26 يونيو 2016

مأساةُ .. بائع سجائرٍ متجولْ : بقلم : سعدي عبد الكريم

مأساةُ .. بائع سجائرٍ متجولْ
سعدي عبد الكريم
كان يُقبلُ وجهَ الفجرِ
يصافحُ أكفَّ الرصيفِ
يداعبُ بأناملهِ المرتعشةِ
ورقَ الصفصافِ
وعناقيد العنب المتدلي من الجدرانِ
ويشمُ عبق (الشناشيلِ)
وأريج سعف النخيلِ
ينفذُ دخان سيجارتهِ
في خرابِ الأزقةِ
يرمي عقب سيجارته على الرصيفِ
يدعكهُ بنعالهِ المتهرئ
يلعنُ أزمنةَ الفقرِ
وأزمنة القهرِ
.. رباط صندوق السجائرِ
يحزُ رقبتهِ
يمسحُ دمه الممزوج بعرق التّجوالِ
بخرقةٍ باليةٍ
كان يحتفظُ بها من أيامِ الحربِ
وأيام الحبِ
يجوّبُ دروبَ المدينةِ
بحثاً عن قوتِ يومهِ
.. تذكرَ كيف أن حرسَ الجامعةِ
اقتادوهُ لغرفةِ التحقيقِ
بعدها ...!
احتجزوهُ في زنزانةٍ معتمةٍ
نزعوا جلده !
ورموهُ على إسفلتِ الشارعِ
جثة خاوية
جثة هامدة
.. كان يحلمُ
بلا حلمٍ !
لأنه، كان يعرف بأن الأحلام
تتعبُ ذاكرة الفقراءِ
والشعراءِ،
ولا تستيقظُ على أصوات البلابلِ
.. أتعبهُ التجوال
مدَّ جسدهُ النحيل على الرصيفِ
اخترقتهُ رياح هوجاءْ
آتية من قدمِ البداوةِ
والتصحرِ،
لامسَ بيدهِ المرتعشةِ
جسده النحيل الذي اخترقته الشظايا
اختلسَ نظرة لرأسهِ
المرمي على إسفلت الشارعِ
وأشلاءه المتناثرةِ
على حدودِ الرصيفِ
وانتشى بإغماءتهِ الأخيرةْ !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية

Text Widget

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل