الحقبة الذهبية
---------------
---------------
في تلك الحقبة – حقبة الخمسينيات – كنا تلاميذ في المدرسة الثانوية تغمرنا رائحة الحب والياسمين .
لم تتجاوز أعمارنا السابعة عشرة على أية حال ، لكن عقولنا استوعبت الكثير من معاني الحياة ، أعمارنا كعمر الزهور ندية عطرة ، نعشق العلم والمعرفة ، يسود بيننا وئام وصفاء ، ليس من ثمة ضغينة ولا حقد ولا كراهية ، قلوبنا ترتعش للنسمات العليلة وتخفق لكل جميل .
نتلقى الدرس من الأستاذ باجلال واحترام ، وهو في وقاره يفرض علينا الاصغاء اليه دون حركة أو ضجيج وكأن على رؤوسنا الطير .
وكان درس الأدب أحب الدروس الينا ، ينشدنا الأستاذ القصيدة تلو القصيدة بحماس زائد ، يبحر في أجوائها ويسمو في نفحاتها ، سواء كانت قصيدة غزل أو فخر أو رثاء .
فاذا خلت بنا ساحة المدرسة رحنا نردد ما أنشده الأستاذ فرحين مسرورين بما حفظناه من قمم الشعر .
لله در الأستاذ من اقتدار وثقافة ، نعجب العجب كله من سعة معرفته وقوة شخصيته ، وهو الذي غرس فينا حب الكتاب الذي أصبح خير أنيس لنا لا نقوى على فراقه .. كما كنا نرى في الأستاذ المثل الأعلى لمن يبذل جهده ووقته في تربية جيل يتطلع الى مستقبله وخدمة وطنه .
انها حقبة لا تنسى ولن تغادر الذاكرة .. عشناها بصدق ومعه طموح بأن نتفوق على أنفسنا ليكون لنا شأن في قابل الأيام ، ولم تكن السياسة حينئذ قد دخلت الى نفوسنا بما فيها من خصومات وأحقاد .
هكذا مضت بنا سفينة الحياة حتى جاءت ثورة 4 1 تموز عام 8 5 9 1 لتقلب الموازين رأسا على عقب ، ثم لنشهد صراعات سياسية لم نكن نعرفها من قبل .
واذا بنا نحن التلاميذ الذين كان يجمعنا حبل المودة والصفاء انقلبت بنا الموازين أيضا لتبدأ صفحة من العداء والغدر والخيانة أحالت حياتنا الى خوف ورعب .
كنا نتمنى أن تأتي الثورة بتغيير حاسم في ميادين الفقر والجهل والمرض ، وكنا نحلم بوطن يرتقي الى الأعالي .
غير أن ما حدث قضى على أي أمل يمكن أن يحقق ما نصبو اليه ، انها لفاجعة أن ينتقل الصراع الى أبناء الأسرة الواحدة ، وانها لمأساة أن تهدر دماء زكية طاهرة لأسباب واهية .
حينئذ فحسب راح ينتابنا شعور بأن الحب الذي كان يغمرنا من قبل والصداقة التي كانت تظلل أجنحتها علينا ونحن في ريعان الشباب هي أفضل ألف مرة من هذه العداوة الماثلة أمام أعيننا .
أين تلك الزمالة المدرسية التي كنا عليها ؟ وأين هي الصداقة الحميمة التي جمعتنا ؟ أحقا ذهبت أدراج الرياح !
ويحتوينا حزن لما آلت اليه الأمور ، وتمنينا أن تعود تلك الأيام ، لقد كانت حقا حقبة ذهبية ولكنها وا أسفاه مضت الى غير رجعة .
لم تتجاوز أعمارنا السابعة عشرة على أية حال ، لكن عقولنا استوعبت الكثير من معاني الحياة ، أعمارنا كعمر الزهور ندية عطرة ، نعشق العلم والمعرفة ، يسود بيننا وئام وصفاء ، ليس من ثمة ضغينة ولا حقد ولا كراهية ، قلوبنا ترتعش للنسمات العليلة وتخفق لكل جميل .
نتلقى الدرس من الأستاذ باجلال واحترام ، وهو في وقاره يفرض علينا الاصغاء اليه دون حركة أو ضجيج وكأن على رؤوسنا الطير .
وكان درس الأدب أحب الدروس الينا ، ينشدنا الأستاذ القصيدة تلو القصيدة بحماس زائد ، يبحر في أجوائها ويسمو في نفحاتها ، سواء كانت قصيدة غزل أو فخر أو رثاء .
فاذا خلت بنا ساحة المدرسة رحنا نردد ما أنشده الأستاذ فرحين مسرورين بما حفظناه من قمم الشعر .
لله در الأستاذ من اقتدار وثقافة ، نعجب العجب كله من سعة معرفته وقوة شخصيته ، وهو الذي غرس فينا حب الكتاب الذي أصبح خير أنيس لنا لا نقوى على فراقه .. كما كنا نرى في الأستاذ المثل الأعلى لمن يبذل جهده ووقته في تربية جيل يتطلع الى مستقبله وخدمة وطنه .
انها حقبة لا تنسى ولن تغادر الذاكرة .. عشناها بصدق ومعه طموح بأن نتفوق على أنفسنا ليكون لنا شأن في قابل الأيام ، ولم تكن السياسة حينئذ قد دخلت الى نفوسنا بما فيها من خصومات وأحقاد .
هكذا مضت بنا سفينة الحياة حتى جاءت ثورة 4 1 تموز عام 8 5 9 1 لتقلب الموازين رأسا على عقب ، ثم لنشهد صراعات سياسية لم نكن نعرفها من قبل .
واذا بنا نحن التلاميذ الذين كان يجمعنا حبل المودة والصفاء انقلبت بنا الموازين أيضا لتبدأ صفحة من العداء والغدر والخيانة أحالت حياتنا الى خوف ورعب .
كنا نتمنى أن تأتي الثورة بتغيير حاسم في ميادين الفقر والجهل والمرض ، وكنا نحلم بوطن يرتقي الى الأعالي .
غير أن ما حدث قضى على أي أمل يمكن أن يحقق ما نصبو اليه ، انها لفاجعة أن ينتقل الصراع الى أبناء الأسرة الواحدة ، وانها لمأساة أن تهدر دماء زكية طاهرة لأسباب واهية .
حينئذ فحسب راح ينتابنا شعور بأن الحب الذي كان يغمرنا من قبل والصداقة التي كانت تظلل أجنحتها علينا ونحن في ريعان الشباب هي أفضل ألف مرة من هذه العداوة الماثلة أمام أعيننا .
أين تلك الزمالة المدرسية التي كنا عليها ؟ وأين هي الصداقة الحميمة التي جمعتنا ؟ أحقا ذهبت أدراج الرياح !
ويحتوينا حزن لما آلت اليه الأمور ، وتمنينا أن تعود تلك الأيام ، لقد كانت حقا حقبة ذهبية ولكنها وا أسفاه مضت الى غير رجعة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق