( الفصل الرابع والأربعون من رواية الظلال الوارفة ..تأليف : ناجح صالح
-------------------------------------------- نهضوا مبكرين وتناولوا فطورهم ثم حزموا حقائبهم . ساعة وداع ثقيلة يودع بعضهم البعض , ويلقون النظرة الأخيرة على القرية . وافترقوا اخيرا ..كل الى وجهته . اما طاهر فقد استقل السيارة الذاهبة الى مدينته وقد خلف وراءه قلبه ..القلب الذي يقطر هما وكمدا . يقولون ان الحب ساحر جميل فلماذا يعاني هو وطأته ؟ ويقولون ان احلى ما فيه الغزل , يغازل الفتى فتاته وينظر في عينيها ويلمس يديها ويداعب شعرها ويغرق في بحر الأحلام معها . لكن حبه هو خلا من كل ذلك , حب مغلوب على امره , مقيد ومدفون في اعماقه لا غير .. بلا هدف ولا مستقبل , الحب المستحيل . لماذا ساقه القدر اليها ..الى مريم دون غيرها ؟ لماذا خفق قلبه لأبنة القرية دون ابنة المدينة ؟ وانهال عليه شريط الذكريات وهو في جلسته من السيارة ينظر من النافذة الى اللاشيء . اول ساعة وطئت قدماه ارض القرية واول ساعة رأى مريم , هل طبع حبها في قلبه في تلك الساعة ؟ اي وجه ؟ واية حلاوة وعذوبة ؟ حورية قادمة من الجنة ,اجل لم تقع عيناه على مثلها , اراد الله للجمال ان يقول له كن فيكون في شخص مريم . كم من الساعات جلست تلميذته تسترق السمع اليه وهو الأستاذ الذي يلقي درسه ؟ كم من الساعات جمعهما سقف واحد ..سقف الصف داخل المدرسة ؟ وكم من الساعات اخيرا استظلا معا تحت سماء القرية بنجومها وقمرها وشمسها ,ببردها وحرها بسكونها وعاصفتها ؟ ومع ذلك فهي في منأى عنه , بعيدة كبعد السماء عن الأرض . هو يعرف تماما انه لا جدوى من حب من هذا النوع ,حب وأد نفسه منذ الساعة الأولى ولكن ما باليد من حيلة , قدره الذي لا مفر منه , اما العقل واما المنطق فلا سلطان لهما عليه امام سحر مريم وجمالها . شريط الذكريات لا يرحمه . ترى من هو الفلاح الذي سيفوز بها ..اي فلاح جلف ؟ وتلامس يده الخشنة رقتها ونعومتها .اجل سيحظى بهذه الحورية فلاح مغمور لا يعرف قيمتها , فلاح جاهل متوحش قد يصفعها ويركلها ويعاملها معاملة الحيوان في حظيرته. من يدري .. قد يكون مستقبلها مظلما كما هو حال مستقبله , غير الحاضرالذي يؤذيه , من يدري اي رجل يأخذها الى احضانه واية امرأة يرتمي هو الى احضانها ؟ ارتد مذعورا من الفكرة الجهنمية التي طرأت عليه . وعاد من جديد يتأمل مريم ..ترى اين تجلس الآن ؟ مع من تتحدث ؟اي حلة ترتديها ؟ كيف تسريحة شعرها ؟ ليته كان نسمة ليداعبه , ليت له العين السحرية فيراها من غير ان تراه ويتتبعها خطوة بعد خطوة ..حركتها ,التفاتها,ابتسامتها ,حديثها , كيف تأكل ؟ كيف تنام ؟وحتى كيف تحلم ؟ الى اي مدى يلعب به الخيال ؟ والى اي مدى تراوده الأفكار المجنونة ؟ واحس بالعطش بينما السيارة تمضي في رحلتها الطويلة , اهو فمه المتعطش ام قلبه ؟ ثم اتراها تذكره ؟ وهل يخطر المدرس العاشق لمخيلة تلميذته ؟ واذا ذكرته فبأية صورة واية ملامح ..هل ترثي له ؟هل تتحسر لفراقه ؟ اتراها تعرف حجم مأساته وعمق حزنه وكثرة همومه ؟ ام انه على الجملة نكرة ليس له دبيب نملة لحواسها ,وها هو يتدحرج الى ظلام , الى هوة ليس لها قرار . ما الذي قاله نزار ليلة امس ..اي اعتراف خطير؟ يتمناها زوجة له , كيف ومتى ؟ هل اصابته رعشة الحب نحوها ؟ هل كان يشاركه خفقان القلب ازاءها ؟ ثم انسحب حينما اكتشف ان هذا الحب يكلفه ما لا يطيق وانه ليس الا مغامرة مستحيلة , فكر بمنطق العقل فانسحب ,بينما ظل هو يركض وراء سراب فاقدا العقل ومنطقه .. يحلم ويحلم دون جدوى. ازداد عطشه بينما السيارة تكاد تنهي رحلتها الطويلة . |
الخميس، 28 أبريل 2016
( الفصل الرابع والأربعون من رواية الظلال الوارفة ..تأليف : ناجح صالح
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
أرشيف المدونة الإلكترونية
-
▼
2016
(5253)
-
▼
أبريل
(744)
- { تسبيع بيتين للشاعر معز الدين الموصلي } بقلم الشا...
- عشق ملعون : بقلم : محمود البستاني 2013
- في البدء كانت الكلمة : تجليات / رياض الدليمي 30 ني...
- باللهجة العراقية : بقلم : منتظر الخطاط/بغداد 2016
- صرخة مِن ألم : بقلم الأديب عبد العظيم كحيل
- [يوميات متباينة] بقلم : كاظم مجبل الخطيب -بغداد
- ( عمق الروح ) بقلم : عماد عبد الملك الدليمي
- تـــــرنـــيـــــمــــات إبـــــــداعــيـة :بقلم ا...
- (ضيعـــة الغســـق) بقلم :محمـــد الوسيـــــم 2016
- أدريس جمّاع ، شاعريرثي حظه : بقلم الأديب سيد محمد ...
- [ثورة الشعب ] بقلم الأديب كاظم مجبل الخطيب -بغداد
- قالوا..بقلم . الشاعر :.زكريا الشبلي. 2016
- *دنيا العجب* شعر عامّي : بقلم الشاعرة : اميره الاح...
- إنزلاق : بقلم : ميثاق الحلفي 2016
- ﺻﺮّحِ ﻟﻲ ! : بقلم : سعيد عبد الهي
- لا تكونوا حطبها : بقلم الشاعر مصطفى محمد كردي
- الاهل : زجل : بقلم : وفاء رواشدة 2016
- همسات حائرة : بقلم هدى علي
- دراسة نقدية : بقلم : رائد مهدي / العراق
- سطورٌ من سيرةِ طائرٍ مهاجرٍ : بقلم ساجد الزين
- ( ساحة التحرير ) بقلم : عماد عبد الملك الدليمي
- //صمت// بقلم : سهى الطائي
- أمطرِي بقلم محمود البستاني
- على هامش الحياة قتل الزمن( ستار مجبل طالع)
- الى الجريحة حلب بقلم كريم خلف النصراوي
- كاظم الغيض : ابوذية : بقلم الشاعر صباح كاظم المهدا...
- الشجاعه : زجل : بقلم وفاء رواشدة 2016
- بين فواصل الرسائل : بقلم : سيمون سارتر 6/ 10 /2015
- بيت ابوذيه : بقلم الشاعر صباح المهداوي،،
- يسألونني : بقلم : الأديب عبد العظيم كحيل
- ( سحابة حلم ) : بقلم : عماد عبد الملك الدليمي
- ظل : البنفسج بقلم : كاظم مجبل الخطيب -بغداد
- في ذاتي مدفونٌ بقلم : عبد الزهرة خالد - البصرة ٢...
- مَحجوب من الارسال ... بقلم : /أدهام نمر حريز-بغداد...
- وحة بيكاسو .بقلم . وردة الجهينه
- صمت الليل ووحدتي بقلم : سيف_حسن
- وطن : بقلم الأديب رعد عبد الغفّار 2016
- *مجرد حروف* (بقلم) نور احمد 29\4\2016
- شهيد النرجس) : بقلم : محمدعلي حسين احمد/ العراق/ ا...
- كنتُ افكر : بقلم منتظر الخطاط / بغداد
- الرحمه : بقلم محمود البستاني 2016
- زجل : بقلم : وفاء رواشدة 2016
- للـــــــــــــــــــــه دُرَّه : بقلم الشاعر أبو ...
- ( للموت طقوس ) بقلم : عماد عبد الملك الدليمي
- لاتحاول : بقلم أمل الخفاجي 2016
- الشاعر،،، باللهجة العراقية بقلم الشاعر صباح كاظم ا...
- مهاجرٌ نحو الغريق .. بقلم الأديب الأستاذ مهدي سهم ...
- (فراشة) بقلم : محمدعلي حسين احمد/ العراق/ الموصل
- (العرافة ) بقلم : نور الشمس 2016
- (الصراع مع الأيام) بقلم الشاعر
- الرؤيا : بقلم : عبد الزهرة خالد // البصرة ٢٨-٤-٢٠١٦
- هاهو المساء حل : بقلم : سناء يوسف / العراق
- عُذرًا شعوبَ ( الفَيسِ ) بقلم الشاعر مصطفى محمد كردي
- *_قبلة حياة_ بقلم...عبدالرحيم عرباسي ..23..ابريل.....
- الفراهيدي : بقلم : عماد هاني ذيب
- (احبك ....وكفى) بقلم : ملاك الروح
- وأن تفرقنا أنتِ حبيبتي : بقلم :سيف حسن
- ( لاتظنّي ) بقلم : عماد عبد الملك الدليمي
- حلب : بقلم : عماد هاني ذيب
- ( الفصل الرابع والأربعون من رواية الظلال الوارفة ....
- / يا..أنتِ : بقلم : ســــــاجد الزين 2016
- يا الهي : زجل : بقلم وفاء رواشدة 2016
- (( كوني قصيدة )) بقلم :عاصم غازي
- تاريــــــــــــــــــــخ ميلاد مهدي رضا العبيد ((...
- ضيق بقلم :يسرى الزاير - 27/04/2016م -
- إرادة_الحب : بقلم : آية سيد فهمي 2016
- (مقهى) بقلم : محمدعلي حسين احمد/ العراق/ الموصل 2014
- ( في صمت الطريق ) بقلم عماد عبد الملك الدليمي
- عاشق الحسن : بقلم : احلام حزينة : 2016
- أنتِ قدر : بقلم : عمر_محمد ٢٧/٤/٢٠١٦
- مملكة مقدسة ] بقلم الأديب كاظم مجبل الخطيب -بغداد
- ألم الفراق : بقلم مصطفى محمد كردي
- كأعذب الأمطـــار : بقلم سيمون سارتر 2016
- *__لا تعبث معي__* بقلم...عبدالرحيم عرباسي ..20..4....
- ااوز النهار ..بقلم..وردة الجهينه 2016
- نشيد آشور أمي:بقلم عيسى عمران. 2016
- همســـات حائرة : بقلم هدى علي 2016
- قصيدة : " الحرف صبح يتنفّس " بمداد : محمّد الخـذري
- غبش العصافير ..بقلم.... وردة الجهينه 2016
- الصبر : زجل بقلم وفاء رواشدة 2016
- سأبقى صامدة ..بقلم انتصار سعدي الجنابي 2016
- ( حراميه ) : أبوذيات باللهجة العراقية : بقلم نجاح ...
- / الصِـــــــــــــدفَةُ .(ق.ق.ج) بقلم : ســــاجد ...
- طائر السعد؟؟؟؟؟ بقلم :..سعد الكبيسي
- أشتاقه جدا : بقلم . الشاعرة / هدى محمود .. 2016
- في بلاد ابي : بقلم : نور الشمس 2016
- اخبروني... بقلم المبدعة ليلى طه 2016
- مكر حواء .. بقلم... وردة الجهينه 2016
- خذي يدي : بقلم كريم خلف النصراوي 2016
- سراب : بقلم : محمود البستاني 2016
- (شَجىُّ هَمْسُكِ مِثلَمَا الألْحَانِ!) بقلم الشاعر...
- خاطرة : بقلم : رحيم الربيعي 2016
- طائر في سمائنا : بقلم: عبد العظيم كحيل
- مس في أُذني: بقلم أريج ميلاد 2016
- (( أمل )) بقلم : الأديب رائد مهدي / العراق
- ركام : بقلم : الأديبة منى الصراف / بغداد
- * أهٍ واه * (بقلم) نور احمد 25\4\2016
- الموت : زجل بقلم وفاء رواشدة 2016
- مُكَاء ارواح سقيمة .. بقلم : أدهام نمر حريز-بغداد ...
- كيفية النهوض بالواقع الثقافي : بقلم : الأديبة منى ...
-
▼
أبريل
(744)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق