الجمعة، 31 أغسطس 2018

(((طريق معبد))) ..عباس حسين العبودي.. العراق.. 31/8/2018…


(((طريق معبد)))
هي الاخلاق تنهاني عن الرد
لمن أخطأ بحقي دونما حد

فمن فسر لحلمي أني عاجز

تناسى الصبر مخزونه سينفد

ومن يشطح بفكره لايلمني
لأني بالملامة عزمي يشتد

موادع دائما طبعي مسالم
ومن سالمت لا يوما أهدد

أنا الباطل اكافحه بصمت
وإن أنطق عن الحق سأرتد

إذا الشر على الخير تطاول
ترى الباطل بنى قصرا وشيد

إذا السيء به السوء تمادى
فلن تبقى المحاسن بل ستطرد

متى الباغي دنى موته وقرب
فلا يأمن تلعثم بالتشهد

مساوي المرء للقبر تصله
ومن يُتبع به اللحد مقيد

خبرت الدنيا مذ صغري وأني
به الحق فلا زلت محدد

فما غيره سيرسمه طريقي
ولن أعثر به دربي معبد.. 

..عباس حسين العبودي.. العراق..
31/8/2018…


الحسرةُ تجتاح قلوب العديد : د.سعاد الفضلي


الحسرةُ تجتاح قلوب العديد
د.سعاد الفضلي 


أينَ نحنُ من قوانينْ الإنسانيةْ
وإنسانيةْ القوانينْ
في العراقْ القديمْ والجديدْ
أدنى أو قابَ قوسين
أن يحلَّ غضب الله
وغضب اللهُ شديدْ
فقطْ الحسرة !!
تجتاحُ قلوبَ العديدْ
يُلاحقُنا يتبعُ خطواتنا
كابوسٌ اسمهُ العدالهْ
نفتشُ عنها كمن يفتشُ
عن اصدافٍ في الصحراء ْ
لا سبيلَ لوجود لؤلؤٍ فيها
ولا حتى برادْ الحديدْ
ننامُ ونصحوعلى أملٍ
عراقٌ لكل العراقيين
عراق يبعد الأطفال
عن أكوام الزبالةْ
عراقٌ جديد
بكل ما في الكلمه من معنى
فعسى ولعل وليت يفيد
وليس هذا على الله بعيد


الخميس، 30 أغسطس 2018

قِفْ شامِخا ً: بقلم : الشاعر حكمت نايف خولي


قِفْ شامِخا ً
قِفْ شامِخا ً حُرَّا ً أبيـَّا ً في الذ ُّرا
وانفـُضْ غُبارَ الضـَّعْف ِأوحال َالثـَّرى
واسْق ِ جُذورَ الرُّوح ِ حُبَّا ً صافيا ً
فـتـُحيـلُ كـلَّ الـكـون روضا ً مُزْهِرا ِ
وُتحـيـلُ إبـلـيسـا ً َخشـوعا ً تــائِبا ً
يَـرِدُ الــضـِّيــاءَ مُـسـبـِّحـا ً ومُـكـبـِّـرا
ويَميلُ َخصْمُكَ لـلمَوَدَّة ِ واجِفــــا ً
يُطري وَفاءَك َ في الخـَفــا مُتحَسِّرا
واغسُــلْ بِدَمْع ِ الحُبِّ كــلَّ أذيـَّة ٍ
واغفـُرْ إذا مـا شِـئْـت َ كـونـا ً نَيـِّــرا
واشـْمَخْ بِنفـْسِـكَ فوقَ كلِّ وضيعَة ٍ
وارفـُسْ بِـنـُـبْـلـِكَ كـلَّ أقذار ِ الورى
فالرُّوحُ َتقوى بالتـَّسامُح ِ َترْ تـَقي
والحِقـْـدُ يَهوي بالنـُّفوس ِ إلى الثـَّرى
قلبُ الـمُـحِـبِّ مَـنـارَة ٌ وهِـدايَـة ٌ
ُتضفي على الظـُّلمات ِ نورا ً مُبْهـِرا
فمِنَ الَتـَّواضـُع ِ والمَحَبَّة ِ والوفا َ
تـبْـني لـنـَفـْسِـكَ سُلـَّما ً نحْوَ الذ ُّرا
فاصْعَدْ بُنيَّ إلى العُـلا مُتـَسَـلـِّحا ً
بالعِلـْم ِ والإيمان ِ سَــيفا ً قـــاهِــرا

شاعر النرجس
حكمت نايف خولي


"وجع الليل" : بقلم : ابراهيم عينان - المغرب


"وجع الليل" :
في ظلمة الليل تتصاعد أنفاس الأنين .. خيوط الرجاء 
متشابكة .. يزحف الصمت بخطاه التائهة.. ياليل بالله
عليك لا توقظ المواجع في قلبي الهش فإنه أصبح غير قادر على التحمل .. وساوس الحديث بداخلي تنمو وتتكاثر .. تتصاعد الزفرات .. يطول الليل ويطول معه الشوق .. تتماوج الأحزان وتثوق النفس إلى الأحبة ..
تنام أعين الكون .. يسود الهدوء وأبقى وحيدا صريع الذكريات ..منزويا في ركن الغرفة وعيوني على النوم عصية تحاول أن ترى شيئا في الظلام .. طيف يطاردني .. تعود بي الذكرى إلى الوراء
 .. أرى ملامح ذاك الوجه الملائكي .. آه !! .. ياحبيبة القلب .. وياروح الفؤاد .. بأصابع الشوق .. أطرق باب الغياب ف - يصمت الكون وتنهمر دموع الذكريات ..أفتش عنك كل زوايا الغرفة .. خلا المكان إلا من طيفك ..ظلام دامس وسراب لامتناهي حجب الرؤى ..الأفق بعيد .. بيني وبينكَ مسافات كم أرهقني طولها .. الموت قدر غادر عبث بمشاعري .. قتلَ أملي في اللقاء .. في الحياة .. بل وحتى في البقاء !! .. ف - إلى متى سأظل أضمض الجروح وأنا على مشارف الوجع أناجيكَ برقيق حرفي رغم علمي أني على سكة الأحلام تائه .. من المحال أن أصل إليك .. الأبواب أمامي موصدة والأصفاد مستعصية الحل .. ف - أنا متورط لم أعد أدري ماذا أفعلُ .. هل أبقى في شرنقة الحلم أم أحارب قدري الأعمى ..يا لسوء حظي !! تدمع العين ويحزن القلب ف - أجتر آلامي وأحلامي المنسية .. أهيم في بحر الذكريات !! .. همسات وخلجات بداخلي تراودني وتحتضر الهوينا .. أهيم في أحضان المتاهات .. أغرق في صبيب دموعي المنهارة .. قلبي يتوجع .. واللظى يلفحه من كل الجنبات .. قدري الجاتم أمامي بسواده القاتم يستفزني .. الحزن يعم المكان .. الدمع فياض تجاوز الأحداق ..آه منك ياقدر ي !! ....
ف - بالله عليك أيها الحزن رفقا بي ..مهلا علي !! سوطك أدمى قلبي الهش .. تعال لنتسامر معا .. أسرد عليك حكايا العشق المنسية لعلي أغفو بين يديك .. أو لعلك تحنو بعض الشيئ فترحم ضعفي !! .. أيها الحزن القابع في الأعماق لقد قررت أن اتخذك لي خلا لأني أصبحت هائما فيك .. لقد زرعتك بداخلي شتائل آملا ان أكتسب منك المناعة ف -أنت أسير الغرام .. ونبع الأشواق .. وحبيس الانفاس .. ومكمن المشاعر فهلا منحتني هنيهة من الزمن أغمض فيها عيناي المرهقة وافتح بالكرى باب النسيان لقلبي المنهك .. ف - بالله عليك ياحزن دع روحي المعذبة تتحرر منك ومن وساوسك المزمنة !! وياليل ارحل تلك هي آهاتي التي بين الضلوع تقاسمتها معك ..ف - انا اسير لعقلي وقلبي .. سحر هوى المحبوب ينهشني .. يحركني ويداعبني كريشة بمهب الريح تسابق ظلها وتتلاعب بها الرياح .. فويل لهذا القلب المسكين الذي تسللت إليه الآهات وغمرته الأحزان !!

بقلمي : ابراهيم عينان - المغرب .


خيبةُ الموتِ ... شعر : مصطفى الحاج حسين .


خيبةُ الموتِ ...
شعر : مصطفى الحاج حسين .
لا يُغِيظُ الموتَ إلَّا الشِّعرُ
وَلِهذا القَصِيدَةُ تَختَارُني
وأنا أختارُ شَكلَ الفَضَاءِ
لِأُطلِقُ شَمسِي
في عُتمَةِ الأَبجَدِيَّةِ
الزَّمَنُ كَائِنٌ يَمشِي
دُونَ التِفَاتٍ
والشِّعرُ مَحَطَّاتٌ وَمَرافِئٌ
واستراحةٌ للأجنِحَةِ
الموتُ غايتَهُ السُّكونَ
والشِّعرُ توَّاقٌ لِلْتَفَجُّرِ
ولِلْتَبحُّرِ وَلِلْانعِتَاقِ
وَلِهَذَا ..
يُرسِلُ لي الموتُ
في كُلِّ لَحظَةٍ
تَحذِيرَاتِهِ الّتي لا أخَافُهَا
حتَّى وإنْ غَدَرتَ بِي يا مَوتُ
سَتَذكُرُنِي رَغماً عَنْ قَسوَتِكَ
كَتَبْتُ على جَسَدِكَ حَيَاتِي
ودَسَسْتُ في جِيُوبِكَ أوراقي
وعلى ظَهرِكَ عَلَّقْتُ
حَقِيْبَةَ كُتُبِي
فلا مَوتٌ إلَّا أنتَ يامَوتُ
ولا خُلُودٌ إلَّا لِلْشُعرِ والشُّعَرَاءِ
يَكفِيْكَ أَنْ يَهرُبَ النَّاسُ مِنكَ
وَيَكْفِي الشُّعَرَاءَ
التِفَافُ الفَرَاشَاتِ مِنْ حَولِهِم
أنا شَّاعرٌ
سأُلحقُ بِكَ الهَزِيمَةَ
خُذْ جَسَدِي المُتَهَالِك مِنِّي
خُذْ نُدُوبَاتِ عُمُرِي الضَّئِيل
وَرَمَادَ غُيُومي المُبَعثَرَةِ
وخُذْ قُصَاصَاتِ أوجاعي اليابسةِ
لكنَّكَ سَتَحتَرِقْ
إذا مالامَسْتَ بظلامِكَ
حرفاً من قصيدتي *
مصطفى الحاج حسين .
إسطنبول


عندي حديثٌ لا أبوح به * الشاعر الدكتور مالك الحزين الرفاعي * الجمعة 24/8/2018


عندي حديثٌ لا أبوح به
*******************
الشاعر الدكتور مالك الحزين الرفاعي
*****************************


عندي حديثٌ..
لا أبوحُ بهِ..
إلا لجازي الجزيى..
و الصبرَ.. قد أمره..
في القلب آثار جرحٍ..
أنت فطرته..
لا تملك الإيثار بل علتك الأثرة..
لما كنت قويا أنت استعملتني..
مثل الجواد الذي صاحبه بالكُبْرِ قد عقره..
طعمت خيري و ما شكرت لهُ..
كما الذي تربى على نعمائه و ما قطُّ شكره..
الجُزيى.. يوم الجزاء الأكبرِ..
لا أندم على فعل المعروف لمن نكره..
ما ظنك بأكرم الأكرمين..
عند اللُقى..
لأهل معروف الدنيا؟!!!
ما أكبره!!!
صلى الإله على محمد سيدي
تاج الرؤوس..
مع السلام.. و من ذكره..
و على أهل المعروف.. طوبى لهم..
و فاعلي الخير.. و من نشره..
تعداد ما خلق الخلاّق و ما برا..
مع جموع الموحدين..
مع العشرة.. 

ريشة
الدكتور مالك الحزين الرفاعي
Drmalek Hazeen Alrefae
الجمعة 24/8/2018
21:00


محمد الناصر شيخاوي/تونس ~~ الطِّفل الفلسطيني و العودة المدرسيَّة ~~

محمد الناصر شيخاوي/تونس
~~ الطِّفل الفلسطيني و العودة المدرسيَّة ~~

تَعُجُّ بِالْأَحْلَامِ وَ الْإِصْرَارِ ؛
ذَاكِرَةٌ
قَلَمُ الرَّصَاصِ وَ حَجَرٌ
مِحْفَظَةُ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ

( حنين دفين ) "إبراهيم عينان " الدار البيضاء - المغرب


( حنين دفين ) 
على وسادتي ..
ينمو الشوق ..
دموعي تنهمر ..

الليل شفاف..
يعري المشاعر .
يؤرقني ..
يزرع في قلبي ..
حنينا لا ينطفأ ..
يوقذ بداخلي ذكريات ..
لا أستطيع مقاومتها ..
ذكريات تأكل كل مشاعري ..
وترميني ..
في حضن الماضي ..
في حضن ابتسامات ..
أمست كلها موؤودة ..
ف/ صار عمري ..
ربيعاً مهجوراً ..
ذبلت كل وروده ..
غادره الفرح ..
واستوطنه اليأس ..
قدري .. !!
قدري أنا ..
قدر أعمى ..
اغتال مشاعري ..
وحدها الكلمات ..
صارت دليلي إليك ..
هي مائي ..ومتنفسي ..
هي "أوكسجيني" ..
الذي به أحيا ..
الغياب طعنة خنجر ..
جرحها غائر ..
في الأعماق ..
قتلت كل مشاعري ..
وحدها ذكرياتك ..
ومشاتلك المتبقية ..
ترويني حباً ..
تزرع في قلبي ..
أملا جديدا ..
به أحاول أن أنتعش ..
وأن أعيش في
دوامة ماض بعيد ..
بداخلي يحتضر .. !!


"إبراهيم عينان "
الدار البيضاء - المغرب



* د. المفرجي الحسيني التلقين طريقة تدريس بائسة 28/8/2018


التــــلقين طــــريقة تــــدريس "بـــــائسة"
---------------------------------------------------

طريقة التدريس التي تستخدم على نطاق واسع في مدارسنا هي (التلقين) حيث يكون فيه الطالب أواني فارغة يصب فيها المعلم كلماته، فجوهر التعليم هو تعويد الطالب على تسلم المعلومات وتخزينها مؤقتاً الى حين وقت الامتحان. يرتبط التلقين في مدارسنا بشكل عام قلة أهمية الاقناع والمكافئة والتركيز على العقاب الجسدي، والتلقين. والعامل المشترك بين التلقين والعقاب كليهما يركزان على السلطة ويقودان الى الخضوع.
التلقين يشمل أيضاً ساحة التعليم الجامعي بشكل عام. اسلوب المحاضرة يعود الى كثرة عدد الطلاب وطبيعة المادة والاعتماد على الكتاب المنهجي المقرر وقلة المحفزات للتجديد والتطوير واستخدام طرق بديلة وضعف ضبط الصف ووجود مقررات تقليدية وضعف رغبة الطلاب في المشاركة . التلقين طريقة تدريس قد تعمق التسلط وتغرس الاستبداد ويستخدمها بعض المعلمين كسوط يقوي الاذعان والخضوع في الطلاب ويفرض هيمنة المعلمين وتسلطهم. التلقين طريقة تدريس لا تبني شخصية المتعلم ولا تنمي عقله وتفكيره، بل تضعف إنسانيته وتكاد تلغي كيانه لأن التلقين كثيراً ما يمارس من خلال علاقة تسلطية. اصبحت بعض المؤسسات التعليمية معرضة للتسلط حيث يسودها الطابع الاستبدادي الى حد كبير. فالتعليم بشكل عام لا يبنى كثيراً على البحث والتنقيب والاكتشاف وانما يعتمد غالباً على الاستقبال الذي يقوم على الخضوع والتنفيذ الآلي. أدى شيوع التعليم التلقيني الى جعل فرصة الاهتمام بتنمية التفكير في المؤسسات التربوية والتعليمية ضعيفاً. من المعروف انه لا يجوز الاعتماد على طريقة تدريس واحدة لأن سير التدريب على وتيرة واحدة يثير ملل الطلاب ويقلل دافعيتهم الى التعلم. التراث العربي الاسلامي في مجال طرق التدريس غني فقد كانت التربية العربية الاسلامية تركز على المناقشة والمناظرة والحوار والاسئلة والأجوبة التي تشحذ الذهن، وتقوية الحجة وزيادة الثقة بالنفس وترقية القدرة على التعبير وتعويد الفرد على النقد والاقناع والتفكير الحر. طرق التدريس الحديثة تشترك في محاولة جعل الطالب ايجابياً نشطاً في العملية التعليمية وفي بيئته وتعويده على التفكير العلمي وتنمية قدرته على تنظيم الحقائق والمعلومات وتصنيفها ومراعاة مستواه العقلي. من الطرق البارزة التي تنمي التفكير (طريقة العصف الذهني). ان التخلص من التلقين المهيمن على معظم المدارس والجامعات يعني القضاء على ظاهرة التسلط في نظامنا التربوي. وطبعاً لا توجد هناك طريقة تدريس مثالية تصلح لكل المواقف لكن المطلوب المرونة في اختيار الطريقة واتباع المنهج التوفيقي الذي يقوم على مزج الطرق التعليمية واختيار افضل عناصرها. 

**********
د. المفرجي الحسيني
التلقين طريقة تدريس بائسة
28/8/2018


مدن الثّبات… عبدالزهرة خالد البصرة / ٢٩-٨-٢٠١٨


مدن الثّبات
——————

عندما يتسيّدُ الصّقيع
على حجرِ الحقيقة
وتزلُّ الأقدامُ عن مسارها

يكتفي الصّمتُ بالنّفسِ الأخير
من هذا الهواءِ الصارخ
بوجهِ السّماءِ،
التّزحلقُ مرورًا بعيونِ الشّمس
هو الحلُّ
لعلّ النّدى يسبقُ وادي التّصحّر
وصخرةَ الجمود ،
ما على الأغصان
إلا أوهامُ المواسم
معلّقةٌ أوراق الأحلام
على خطى الظّلال
المستشري على بداياتِ الجذوع ،
يقولُ التّخمينُ - ذاتَ فطرةٍ -
إنّ الفطنةَ ليست ضرورة
في الزّمنِ الرّاعي
لمباراةِ النّهاية
الصّافرةُ مبحوحةُ الصّفير
تعلنُ عن شفتين قد أطبقت
على حنجرةِ الإعلان،
لا تصدّقُ أبدًا زقزقةَ الفجرِ مبكرًا
ربّما زعيقُ غيمةٍ تريدُ الفرار
من جوِّ المدينةِ المعتمِ للغاية
ولا تكادُ تُرى أطرافها
التي أكلتها ذئابُ الرّيحِ
على حينِ غفلةٍ من الحارسِ الأمين ،
هي كالعادةِ إلى ضبابِ نشأتها
فوق بحرِ الظّلماتِ الثّلاث
لا قبطانٌ يتعدى حدودَ دفّته
المرميّةَ تحتَ مؤخّرةِ سفينته
التيهُ هو البوصلةُ المستقيمة
تعرفُ فنارةَ الشّاطئ
الذي أزاحَ من جوفهِ آثارَ الرّمال
وأصدافِ القاع ،
تسافرُ أو لا تسافر
المدنُ ثابتةٌ ورسمتْ على ثناياها
مقابرَ للذي يشطبُ التأريخ…

……………………………
عبدالزهرة خالد
البصرة / ٢٩-٨-٢٠١٨

قوة الأيادي دعاء : نصيف الشمري العراق 2018/8/22


قوة الأيادي دعاء
أكفُ الدعاء، عمرتْ وجه الأرض، مدَّتْ للنخلةِ ساقيةً، ربتتْ على كتفي، استعارتْ من عيني حلماً، كتبتهُ حرفاً، لوَّنتهُ لوحة، اطالت لها العيون نظراً، هتفتْ في الساحات، كسرتْ سهام القدْح بوجهِ الصنم، تثأرُ من يوم الظلم بيومٍ، نسعى إليهِ، كطيورٍ تضربُ وجهَ الريح؛ بجناحِ الحرية.
نصيف الشمري
العراق
2018/8/22


"مرايا" بقلم : سرحان الربيعي


"مرايا"
كانت الوجوه بكبرياءِ وسامتها
ترفض المثول للمرايا..!
..
مشت
خطواتها السنين
في دروب ما كان لها
أن تكون خرائطاً للجنرال..!
..
المرايا
شامتة جدا
ملامحنا القمحية
قد أذعنت للمثولِ
لترى
مافعل الخندّق..!
..
أحلامنا
مابين
الفُرضة و الشُعيرة
ذهبت أدراج الرياح..!
..
حبيباتنا
فيء الأشجار
رحلنَّ
في ذمة الذكريات..!
..
فقط
بعض نجيمات الليل مرايا
لخريفِ قصائدنا..!
بقلم : سرحان الربيعي


الأربعاء، 29 أغسطس 2018

إيقاعات مشتعلة -: سلام العبيدي ٢٨-٨ -٢٠١٨


إيقاعات مشتعلة
———————
(١)
كل هذا الشعر الأنيق
ولا امتلك رداءً
يليق بكرنفال قصيدة .....
(٢)
كنت امتلك شهادة ميلاد
فقرأتني سورة الضياع
حلماً .. ينام في قلب الخريف ....
(٣)
كل ماتبقى من جذوة الليل
صمت ..
يلثم آخر القبلات .....
(٤)
أيصح ان يقرأ الساحر
على لوح الرمل
خيبتي .......؟
(٥)
ذات ليل مشتعل
نسيت صرخة
على أطراف خيبة .....
(٦)
ذات إيقاع كاذب
كنت أبتسم
فابتلعتني شهقة ......
(٧)
جميل أن يسقط العالم
بين يديك
تفاحة حمراء ......
(٨)
مثل قطعة موسيقية
كانت تبدد عتمتي
شمعة راهبة ........
(٩)
على سواحلها
سأرتب قلبي القديم
ولي رقصة أخرى
عند فجر العصافير
(١٠)
من جحيم قبلة
ساح قمر يتيم .......
سلام العبيدي
٢٨-٨ -٢٠١٨


نص سردي بعنوان:"أيها العقل" بقلم الأستاذ:بن عمارة مصطفى خالد.


نص سردي بعنوان:"أيها العقل"
أيها المارد القابع بجمجمتي أما هدأت؟؟ أما تركتني أرتاح برهة؟؟ كنت أحسب بك راحتي و سعادتي؟؟ فإذا بك عذاب من عذباتي...تجعلني أمشي خطوات ما لها عدد و ليس لها نهاية؟؟تروح و تجيئ ما لك مرسى و لا محطة...صرت بك ألمس المستحيل و أرى ما لا يخطر ببال بشر...أعبر إلى الماضي كهدهد سليمان بلمح من البصر...أقطع أقطار الأرض و جسدي مسجى على الأرائك...أفكر في سلوك الخلائق...غريب أنت إذ تؤنبني على أفعال لم أرتكبها...تؤنبني على عبوسي و ترحي...تلومني على سعادتي و فرحي...تخوض في بدايات الأشياء و نهاياتها...تغوص في أعماق الحياة و متاهات الموت...تفكر في عالم الأقمار و النجوم السائرة...في الأجنة بالأرحام و في الطفولة البائسة...تسأل عن سبب فقر الفقراء و تتعجب من ثراء الأغنياء...ألا تراني أني بك قد تعبت...أحملك برأسي كأنني أحمل قناطير تدكني...بالله عليك أيها العقل عطل مكنتك زمنا...لا بأس إن بقيت لحظة بأرض الجنون...ففي عالمنا هذا قد يكون الجنون أرحم بنا من عقول متعبة. 
بقلم الأستاذ:بن عمارة مصطفى خالد.

عندي حديثٌ لا أبوح به * الشاعر الدكتور مالك الحزين الرفاعي *


عندي حديثٌ لا أبوح به
*******************
الشاعر الدكتور مالك الحزين الرفاعي
*****************************


عندي حديثٌ..
لا أبوحُ بهِ..
إلا لجازي الجزيى..
و الصبرَ.. قد أمره..
في القلب آثار جرحٍ..
أنت فطرته..
لا تملك الإيثار بل علتك الأثرة..
لما كنت قويا أنت استعملتني..
مثل الجواد الذي صاحبه بالكُبْرِ قد عقره..
طعمت خيري و ما شكرت لهُ..
كما الذي تربى على نعمائه و ما قطُّ شكره..
الجُزيى.. يوم الجزاء الأكبرِ..
لا أندم على فعل المعروف لمن نكره..
ما ظنك بأكرم الأكرمين..
عند اللُقى..
لأهل معروف الدنيا؟!!!
ما أكبره!!!
صلى الإله على محمد سيدي
تاج الرؤوس..
مع السلام.. و من ذكره..
و على أهل المعروف.. طوبى لهم..
و فاعلي الخير.. و من نشره..
تعداد ما خلق الخلاّق و ما برا..
مع جموع الموحدين..
مع العشرة.. 

ريشة
الدكتور مالك الحزين الرفاعي
Drmalek Hazeen Alrefae
الجمعة 24/8/2018
21:00



د.المفرجي الحسيني جامع العلب العراق/بغداد 28/8/2018


جــــــامع العُــــــلَب
------------------

قرر العيش بجانب سور المتحف، لا يتمكن من دفع ايجار غرفته البائسة، وحيد هان الأمر عليه، كرتون صناديق بيته وغطاءه، ليس بعيداً عن بائع الشاي وعربة الأطعمة الشعبية، صياح وضجيج. ينام حتى الضحى ،لا يبالي بالطلاب والسابلة مستخدمي الطريق، يزعجهم استغراقه في النوم العميق، يلقي التحية ببشاشة صادقة، الناس يتحدثون بغلاء الأسعار والإيجار، قلقين منزعجين يشعر بالحزن تجاههم، مقطبين التجاعيد تتكاثر وتشرخ صورهم فتنطفئ نظرة العيون، وحده يعرف سر نجاته من التجاعيد ، متسول لا مال في جيبه ،يقوم بجولات عديدة على قدميه يساهم مع منظفي الشوارع ،يجمع علب المشروبات الغازية الفارغة في كيس كبير، هذا العمل يوفر له الطعام ،قلبه ينبض بالحياة والراحة وابتسامة لافتة رجولة طاغية، لا شيء يشغل ويعكر يومه، الملفت للنظر عندما يخرج من غرفتهِ الكارتونية يبدو طويل القامة، شخصيته بارزة في المجتمع، من المفارقات بعض الشخصيات تُدير شؤون المجتمع بطول ورشاقة ووسامة نزيل غرفة الكارتون، جامع علب صفائح المشروبات الغازية، شيءٌ محيّر فعلاً!. عالم جامع الصفائح لا يبدو محدوداً أو خالياً من الإثارة، كثيراً ما يتشاجر مع عمال البلدية يحاولون طرده من مكانه ،جامع الصفائح منسجم مع نفسه وبعض زملائه المشردين ،يصرف ما بجيبه على زملاءه منتصف الليل يأخذ جولته الأخيرة، جمع الصفائح من تحت المقاعد وطاولات المطاعم، ذات يوم كانت أشعة الشمس حارقة، التجأ رواد المقهى المجاور إلى الأماكن الظليلة، مذياع المقهى في النشرة الإخبارية
وردت فيها قرارات رسمية تُثير الإعجاب، «يسقط المطر بعد صلاة العصر»، رواد بائع الشاي وعربة الأطعمة الشعبية، ورؤوسهم المرفوعة وأفواههم المفتوحة، إلى مذياع المقهى والمذيع يقول: «يسقط المطر بعد صلاة العصر»، ويرددون «يسقط، يسقط، يسقط!» رجل مُسنّ كان يجلس على كرسي أمام المقهى، تحت مظلة الشمس، ابتسم بخبث لحديث المذيع، يا الله! لقد استجابت السماء، لأوامر الحكومة وكان هناك برق ورعد ورياح ومطر غزير، الرجل المسنّ كان يصيبهُ قطرات المطر من ثقب في مظلة الشمس، لم يتزحزح من مكانه عن الثقب والماء النازل منه، حتى حدّستُ أن ثقباً ما في حياة هذا الرجل؟ دائماً أشاهد الرجل المسن في المقهى ببدلة جديدة، حتى إنه يصبغ شعر رأسه ويحلق لحيته
ويرفل بأسلوب حياة جيدة، حمدت الرب أن حياتي لا توجد بها ثقوب، وأني أعيش بصندوق كارتون، لا توجد فيه ثقوب» همس في سر نفسه.

**********
د.المفرجي الحسيني
جامع العلب
العراق/بغداد
28/8/2018


الثلاثاء، 28 أغسطس 2018

تطلب مني أن أتوب د.سعادالفضلي


تطلب مني أن أتوب 
د.سعادالفضلي 

عيوني تلاحقك 
في غياهب الدروب
ترافق خطوتك
تُظل ظلًك
ترعى الشمسَ والنجوم َ
مرافقةً إياك حتى الغروبْ
وإذا سكن الليل
واستفزني النوم العنيد
ضيعت أحلامي الجميلة
وتهت افتش عنك في الدروب
كلُ هذا وتهرب مني !
وتطلبُ مني أن أتوب !
قل لي وخبرني بربك
كيف أتوب
أنت لا تعرفني حقا
انت لا تدرك أيضا
في ثنايا روحك كم أذوب


د.المفرجي الحسيني النشيد السراب العراق/بغداد 28/8/2018


النـــــــــشيد الســــــراب
-------------------------

الحيوانات البرية تحوم
أطفالنا تبحث في القصب عن سمكة فاقمه
تنقّض النوارس على مزابل الماء

كيف أظل على الأرض ؟ مثمراً
إذا أظلم الزمن من حولنا
ابكي على كل الأحزان المزيفة
عندما تكون عندي رغبة في البكاء
نصِل بلا مراكبٍ وشراع
السماء يملأها دخان
بلادي أكثرت حولها السلاسل
الحياة تسألني
أين نذهب في هذا الأثير القتيل
أودعت جسمي للتراب
الريح تمر، على الأشجار مرَّ الكرام
اليمام هجرتنا
الرياح عاتية هوجاء
دماء ودموع
نرسم شعراً بالغبار ،عام مضى، صار كهلاً
نغني مثل مطرب قديم، لا يصاحبه ، رباب ولا ناي
كنهر نجري، بلا اتجاه
نستظل عند كل انحناء، على الأطلال
الليالي مضت، ذقنا آهاتها
ننتحب للحنين، أما لقلبك شوق
أحِبَةً هربوا ؟! نخلة لم تنحني
يغني قلبها للوطن
لا يزال ينهش ،جسد النخلة الغرباء
سممت شرايينها النفايات،
وعزموا ألّا يتركوا لنا غير الرفات
لا ربيع، لقد غاب بين الفصول
الدخان يعمي العيون، يوزّع الموت في كل الجهات
تهتف أطفالنا صباح كل يوم
عاش الوطن، يشعل الأمل فينا نحو الحياة
أصغينا إلى صوتنا يتداعى
لبسنا ثوب الموت
سكت نشيدنا، وجم، خرج كسراب، يسعى خلف سراب
هواء عاطل، لحن في وترنا
عمر نثرناه على الرؤى والصور
ملبدة السماء بالغيوم ،تثير البرد
طوينا في ظلامٍ، نحني رؤوسنا،
واقفون، ساكنون ،
كنهر الجنوب طمره الوحل والنفايات

**********
د.المفرجي الحسيني
النشيد السراب
العراق/بغداد
28/8/2018


سفينة نوح :بقلم مصطفى رضوان


بقلم مصطفى رضوان
سفينة نوح
و أنا أنظف سريرك الحزين 
كانت المرآة عابسة
ككتبي الصفراء
عبثا أنفض الذكريات المعلقة
كانت تتساقط كأوراق خريف
تجرني خطاي إلى بحرك العميق
أتنفس عطرك القادم من مدن الملح
لاشيء يرسو في سفينتي العجوز
سوى شباكي القديمة
و كلمات مبعثرة على أرصفة القلب
يأكل القرش منساتها ..
كانت سفينتي سفينة نوح..
تغوص في أعماق الروح ..
مخرومة في عمقها تنزف جروح
آه يا قلمي ..
تتزاحم بداخلي تلك اللحظات
الموشومة بحبر من دمي..
يأزني الكبريت كي أفجر
آخر سجارة في جسمي..
فتحرر دموعي و تبكي شموعي
لفقدان الحبيب..
غريب ..
أجر همومي و شيئا من دنوبي
تراقبني الأساطير من بعيد
أنا القادم من مدينة السراب
عجينة من تراب
تستقبلني الحقيقة عارية الوجه
فتكبل وجداني
تفضحني في السر و العلن .
كان الرب هناك ..
يقدم سكوك الغفران دون ثمن
في ذاك المكان المجهول
حيث يسكن الصمت و الغموض
و حارس الغواصة المخبول ..
كانت الريح تمارس هوايتها القديمة
مستسلما أرتجل طقوسي الغريبة
كي تنعم روحها بالسلام
عاما بعد عام ..
في كأس بلوري أنفث ريقي
الملوث بالخمر و التبغ
وأتلو بضع آيات مهجورة في مخيلتي
كي أرش قبرها بماء الزهر ..
فيحتفل شاهد القبر ..
و أودعها على أمل العودة من جديد
حيث أحل ضيفا على مملكة النمل
محملا بالتمر .. و خبز الثريد
على نعش مكبل بالحديد
من آخر معتقل .. يحكمه العبيد ..


العولمة وتطورات العالم المعاصر : د.سعاد الفضلي


العولمة وتطورات العالم المعاصر
د.سعاد الفضلي
إن الآسرة هي التنظيم الآجتماعي الأول الذي ينقل الى الطفل أهم ملامح الثقافة العامة للمجتمع , وبالتالي فهي تكسب أبناءها قدرا من الخصائص التي تتيح القدرة على التوافق الاجتماعي مع ثقافة المجتمع , أما المدرسة فهي إحدى العوامل الكثيرة والوسيطة بين الفرد والمجتمع فهي تساعد على نقل المعايير والقيم الاجتماعية , فالمدرسة تقوم بوظيفة تعزيز التكامل المعياري للمجتمع كما إن الخبرة التي يكتسبها الفرد من خلال تفاعله الاجتماعي يشكل رصيدا لغويا ومخزونا كبيرا ينتقي الفرد منه ما يعينه على حل مشاكله وتحقيق ذاته , لذلك يجب أن تستهدف عملية الحفاظ على اللغة تعليم الفرد الامتثال لمطالب المجتمع والاندماج في ثقافته والخضوع لالتزاماته وهذا يعني أهمية تعلم الفرد لاستجابة معينة يواجه بها الفرد تلك الظروف والمواقف . ولم تكن المتغيرات الحاصلة في الحياة السبب في انكماش اللغة وقصور استعمالها، على أساس ظهور عهد الكتروني واتصالي جديد، مع أن لهذا التوجه الحضاري الجديد أثره العميق في حدوث التحول إلى لغات أخرى لها علاقة بتقنيات الكومبيوتر ومصطلحاته الخاصة، لذلك يصعب في وقنا الحاضر تحديد ما يتعلمه الفرد في المنزل والمدرسة والمجتمع لان هناك تداخلا مستمرا بين ما يتعلمه الفرد في الأسرة وما يتعلمه في المدرسة والمجتمع . وهذا يرجع إلى ما أحدثته التكنلوجيا الحديثة من تقريب المسافات بين المنزل والمدرسة والمجتمع .فالثورة العلمية التي حدثت في وسائل المواصلات والاتصالات قربت المسافات وهدمت الحواجز بين الشعوب واذابت إلى حد ما الفروق الاجتماعية والثقافية وأصبح العالم يتجه نحو اعتبار الكرة الأرضية قرية يستطيع ساكنوها الاتصال ببعضهم في ثوان معدودة بوسائل تكنولوجية مرئية ومسموعة . وكل هذا يحدث بفضل انتشار التربية والتعليم في العالم . ولكن يجب أن تكون االوسائل التي تساعد على التقدم، قائمة على قاعدة الاقتباس المشروط وليس التقليد الأعمى. ومن أبرز هذه الوسائل اللغة بوصفها رابطة تجمع كل أفراد المجتمع وتوحّدهم بغض النظر عن انقساماتهم الدينية والمذهبية. كماإن للترجمة دوراً لا يستهان به في نقل الأفكار الحديثة والاسهام في إحياء اللغة العربية وتطويرها، وذلك بتجديد أساليبها وإغناء معاجمها كي تواكب التطور الحاصل في كل المجالات فهي ما زالت على قيد الحياة .
هذه العوامل المشتركة بين الثقافات يمكن أن تساعد على إيجاد وسائل لصهر الجماعات التي تعيش في أزمنة متقاربة في بوتقة واحدة والأداة المجربة التي يمكن أن تلعب دورا أساسيا في إيجاد تجانس بين الناس وخلق وحدة فكرية بينهم هي اللغة المشتركة لذلك يجب أن تجري أبحاث متعددة من قبل المربين لاكتشاف أفضل الطرق التدريبية لزيادة المردود اللغوي في الموسسات وأماكن العمل والترفيه وبهذا تكون للغة موارد متعددة المصادر وبأشكال وصور مختلفة لذلك يجب الاهتمام بالإنسان العربي الاهتمام بالتعبير عن الذات والتنمية الفردية للإنسان العربي بدلا من استعمال قوالب خارجية تفرض علينا .
اللغة العربية تميزت في ماضيها – بفضل حملها لرسالة الإسلام – بانفتاحها على العالم والاتصال بثقافات البشرية ومعارفها واستطاعت بوعيها المتجدد بحركة التاريخ أن تضيف الكثير وتؤثر في الكثير .أما الآن فلا يفوتنا دور الاجانب وهيمنتهم على كل المؤسسات العلمية والتي ينطلق منها التغير الشامل لشخصية الإنسان العربي . وهذا الإسلوب المدروس هذا الذي تمر به امتنا العربية لاضعاف لغة القوم , والتدرج بقتل مفرداتها العربية دور واضح في تنشيط اللغات الأخرى على حساب لساننا العربي وآدابا تؤثر فينا كل يوم ولا حفاظ على التراث يذكر , وإن المجد كل المجد لذلك الاجتياح الغربي والذي نتباهى نحن العرب بإن أولادنا لا يحسنون التعبير بها ولم يعودوا يتذكروا بعض المصطلحات العربية ونسوا أو تناسوا المقولة بأنه لا جامعة لقوم لا لسان لهم ولا لسان لقوم لا آداب لهم , ولا عزٌ لقوم لا تاريخ لهم , ولا تاريخ لقوم إذا لم يكن فيهم من يحمي ويحيي أثار رجال عظماء فنحذوا حذوهم , وألا نسمح لأنفسنا أن نكون تحت وصاية غيرنا تابعين .
فالحفاظ على اللغة يجب أن يكون في كل المجالات التي يتحرك فيها الفرد في المنزل والمدرسة والمجتمع بأسره , وبهذا المعنى لا يكون الحفاظ من عمل المؤسسات التعليمية لوحدها بل تشارك معها المؤسسات الاجتماعية الأخرى كالمنظمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والصحافة والاعلام , وبهذ تصبح أكثر وضوحا وتحديدا من حيث المعالجة العملية والعلمية . وأن تضع قيودا تحد من هذا الانطلاق الغير محدود للغات الأخرى الدخيلة على مجتمعنا بسبب العمالة الوافدة وبعض الانظمة السياسية في العالم العربي والتي تركز جل اهتمامها على اللغة الاجنبية حتى اصبحت واجهات المحلات تكتب لوحاتها اسماء اجنبية بحروف عربية فقط من غير انتماء للمعنى العربي
إن أي عمل يحتاج إلى تنظيم لتحقيق الهدف الذي من أجله يقام العمل , وبما إن الحفاظ على اللغة يتطلب نشاطات ومفاهيم وأفكار متعلمين وعاملين وإمكانات مادية فانه يتطلب تنظيم وتوجيه وتخطيط ونتسيق وتقديم من قبل القيادات التربوية لتلبية حاجات الراغبين في التنسيق والتطوير من أجل تحقيق الأهداف المرجوه .
كنا تتغنّى بماضي العرب وتقدمهم الحضاري في العصور الوسطى، حين كان العرب أمة واحدة تمثّل اللغة العربية “روحها”، والتاريخ العربي “ذاكرتها” كما يقولون لأن العالم لن يقبلنا بدون تلك الهوية ، فالعالم يريد معرفة تراثنا ولغتنا وثقافتنا لكي يتعرفوا على الشخصية التي نطالبهم باحترامها , فلتكن الدعوة للحفاظ على اللغة العربية من منطلق علمي بحت يهدف إلى الإبقاء على رمز أساسي من رموز الهوية العربية التي ترسم أبعاد الشخصية العربية وتاريخها ومحتواها الثقافي والفكري . فإن لنا أن نفخر بهذه اللغة؛ لأنها عنوان هويتنا, ولأن الله – عز وجل – قد اختار العربية وعاء للوحي، ووسيلة للتواصل، وتقديرا لها كأداة خالدة عبر الزمان كله – مؤهلة للخلود والبقاء والتجدد والاستمرار وإن أصابها بعض الضعف لا لذاتها ولكن لضعف الإنتاج الحضاري والإبداعي والإنساني لأهلها بعض الحين.
اللغة لها علاقة بالتفكير والإبداع… وهو الأمر الذي بات مطلبا هاما لأهل اللغة حتى يحرسوا الدين واللغة معا بتحقيق الوعي اللازم للحضارة، والتحصين الثقافي، واسترداد شخصيتنا وهويتنا، وكأداة تعيق من يحاول جاهدا هدم ثقافة هذه الأمة أن أي انحطاط باللغة لسانا وكتابة ولا سيما في المحافل العلمية والإعلامية والرسمية يعني محاصرة هذه اللغة وتقويضها ومن ثم القضاء عليها على مراحل … جميل أن تنضم لجهود المجامع اللغوية بعض الجهود الأخرى سواء كانت جهود مؤسسات تربوية وإعلامية واجتماعية أو مؤسسات الدولة من حيث التشريع القانوني أو جهود الأفراد في مجال البحوث والتأليف أو حتى تربية النشئ في محيط الأسرة ونرجو لهذه الجهود أن تتكامل وأن تكون نابعة من جهد اجتماعي وقومي منظم وبذلك الإنتاج والإبداع الحضاري والمادي سوف نلفت أنظار العالم للغتنا…. وبهذا نشكل خطوطا عريضة للإسهام في إعادة تفعيل لغتنا الجميلة مع القيام بتعريب تلك العلوم من الآن وليس مستقبلا والعمل على تصدير برامج تعليم العربية لغير الناطقين بها بطرق سهلة وشائقة حتى وإن اضطررنا أن نفرض تعلمها على من يرغب التعامل معنا في بعض المجالات وخصوصا المؤسسات التربوية مساهمة منا في نشرها بطرق مدروسة .
كما يلعب التأليف والإبداع القصصي والشعري والفني بصفة عامة للفت أنظار العالم إلى لغتنا الجميلة وتصدير ذلك للعالم أجمعين , ونريد لذلك الإبداع أن يكون بقيمنا نحن بمعاييرنا الشرقية لا بمعايير الغرب بعيوننا نحن العرب لا بعيون الغرب … ألا إنه لا قيمة لنا حين نتحدث بالعربية ولا نفكر إلا بعقول غربية , وهذا لا يعني أن نلغي التواصل مع الآخرين ولكن نسعي للحفاظ على هوية أمتنا، وإن شاء الله – تعالى – يتحقق ذلك ولو بعد حين وإنه ليسير على من يسره الله عليه حين تجد الإرادة طريقها للأمم التي تريد بناء هويتها وأثبات عروبتها بأصحاب الهمم العالية , والحمد لله أن همة أمتنا لم تقعدها المثبطات ولن تقعدها إن شاء الله – تعالى .
فقد صدر عن المؤتمر الاردني للحفاظ على اللغة توصيات يجب أخذها بنظر الاعتبار أهمها:
اللغة العربية مقوم رئيسي من مقومات وجود الأمة العربية. وكل ضعف أو إضعاف يصيب اللغة هو خطر يتهدد الكيان العربي ووجوده. تأصيل العلوم لا يكون إلا بلغتها ، ولذلك فإن لحاق الوطن العربي بالحضارة العالمية المعاصرة ومواكبته ومشاركته فيها، يجب أن يبدأ باستخدام اللغة العربية لغة للتدريس في جميع مراحل التعليم وإعداد المصطلحات العلمية الموحدة المناسبة لذلك.إن تأصيل اللغة لا يقتصر على الأخذ بها في مرحلة تعليمية دون مرحلة، وإنما يجب أن يساير مراحل التعليم كلها، منذ بدايتها وحتى المراحل العليا من البحث العلمي ، بحيث يتيسر لأبناء هذه اللغة أن يعايشوها معايشة كاملة تساعد في تطويعها وتطويرها. إن اللغة العربية قد دللت في مختلف مراحل تاريخها المديد وبحكم خصائصها على أنها لغة حضارة ذات أبعاد إنسانية وعالمية، وهي بهذا قادرة كلياً على أن تكون لغة العلم الحديث تدريساً وتأليفاً وبحثاً وتوليداً للمصطلح.إن ما يهدف إليه التعريب هو بالدرجة الأولى توحيد المصطلح العلمي، وتطبيق هذا المصطلح، واستعماله، وتداوله في كل مجالات حياتنا أداءً وابلاغاً.
قارىء كتاب: «اللغة العربية: أسئلة التطوّر الذاتيّ والمستقبل» الصادر عن «مركز دراسات الوحدة العربيّة» ان أغلب الباحثين ـ وهم من عدّة دول عربية ـ يجمعون على أنْ لا خلاص للأمة إلاّ باللغة. ولا يخوضون دفاعهم عن العربيّة بناء على علاقة دينية بل انطلاقاً من نظرة علميّة وواقعيّة تعقد صلة متينة بين التنمية واللغة. يخرج القارىء من الكتاب بفكرة مفادها إن التنمية ومعانقة العصر والتخلّص من التبعيّة والانجراف بتيار الغرب ، والنهوض لن تكن إلا بصياغة أيديولوجيا واضحة ومزدوجة
( التعريب و الترجمة )حتّى لا يظلّ المعنى العربيّ تائهاً وسط تيار الحضارة تطغي عليه مصطلحات الآخرين ونكون نحن من ساهم في اغتيال


ادَّخَرُ لكِ الكثيرْ نَصّ / سعدي عبد الكريم


ادَّخَرُ لكِ الكثيرْ
ادَّخَرُ لكِ الكثير
يا أنتِ ..
يا مملكةً من النَّجْمِ
ومن النَّخْلِ
ومن الزَّنْبَقِ
نَسجَ الله أنوثتكِ
من مِدَادِ الضُّوء
وترانيم النّوءِ
عند حدودكِ تَتَهيبُ الكلماتُ
وتختصرُ المدياتُ
وأنا شاعرٌ
أضاعَ حدودَ الحرفِ
في عينيكِ !
كالصُّبحِ الطالعِ من كَوّةٍ معتمةٍ
مدججٌ رأسي بالأفكار
يتدحرج على أرصفة الموانئ
ومدن المنافي
والخيبات،
ادَّخَرُ لكِ أكواناً من الشوق
يا جمار نخل العراق
افتقدُ وجهكِ المبلول برذاذ المطر
والعطر،
وبالسِحر،
أيتها الشرفة المشرعة للنازحين
الى الضُّوء
يا زنبقة الأرض
وفاكهة الجَنَّة
ادَّخَرُ لكِ هولاً من الحُبّ
في أزمنة الحرب
يا أيتها الهاربة من مملكة الغيث
صوب مدن الجَدْب
يا قبلة العاشقين الأولى
يا ملامح النَّخْلة
الغافية على ضفاف الفرات
وشواطئ دجلة
أنتِ كاستدارة الأفق
يا دمعة الوطن
الذي تفرق دمه بين القبائل
ادَّخَرُ لكِ كثيراً من الحُبّ
يا أيتها الــ ... (هنا)
والــ ... (هناك)
أعيريني صبركِ
أيتها الحانية كعنقود عنب
على حائط بيتنا العتيق
لامسي وجهي بضفائركِ المعقودة
بمواسم الحصاد
وزقزقة عصافير الغبشة
يا تفاحة آدم
أقضمّها،
وأهبط من أعالي الفردوس
الى أسافل اللّذة
تعاليّ ..
فأنا ادَّخَرُ لكِ حكايا
من الوجع اليومي
والقهر اليومي
والضَّيْم اليومي
سأقَصّها عليكِ
حينما يُخيِّم علينا اللَّيل
وتغلفنا العتمة


امرأة — عبدالزهرة خالدع البصرة / ٢٧- ٨- ٢٠١٨


امرأة
———

هي امرأةٌ غيرُ مهيّأةٍ للاستنساخ
هي وسادةٌ حينما يشعرُ اللّيلُ بالدّوّار
هي جارةُ النّبضِ تعيرهُ كلّ لحظةٍ دفعةً وإصرارا .

امرأةٌ عانتْ كثيرا من أشعاري
كادت تغتسلَ فيه
غسلَ التّوبة
تتعمّدُ بالأنّهار .
هي ليست كالنّسوان
غنجها سحرُ لا تبطلهُ المعوذّات
ولا حتّى دعاءُ الكبار .
امرأةُ كأنّها غابةٌ
وحدها
تغذّي الأسفار
تفكَّ لغزّ الظّلال .
واحةٌ إليها يأوي الظّمأ مجبرًا
قانونها الإرواء ليس بالماء .
هناك فيضٌ من مقلتين
عسلُ الضّوءِ يهطلُ من السّماء…
اشهدي لي أمام أنوثتك
بأنّي الذي تجرأّتُ الآن
وكتبتُ ما قد كان …

—————
عبدالزهرة خالدع
البصرة / ٢٧- ٨- ٢٠١٨


الأديبة والناقدة ( نجاح إبراهيم ) تكتب مقدمة ديوان ( راية النّدى ) .. للشاعر العربي السوري ( مصطفى الحاج حسين ) شاعر يشفّ ندى هل أقولُ الحقيقة ؟


الأديبة والناقدة ( نجاح إبراهيم )
تكتب
مقدمة ديوان ( راية النّدى ) ..
للشاعر العربي السوري ( مصطفى الحاج حسين )
شاعر يشفّ ندى
هل أقولُ
الحقيقة ؟
=================================
وأعترفُ أنني أدمنتُ قمحَ قصائدِ الشاعر" مصطفى
الحاج حسين" كما يدمنُ الجائعُ المهووس بخبزِ
البلاد !
من أوّل قصيدةٍ له ، أعلنتُ قسمي، ألا يبرحني صدقُ
إحساسه ، ولا نبلُ عواطفه ، ولا ألمه العميق ، ولا
قلبه المحشو بالنقاء والجراح، ذو الملامح البريئة
كقلب يمامة تشتهي الأمان.
لن أغادرَ قصائده وإن استعطفتني قصائد تأتي من
جهات مختلفة، فهو الشّاعر المُجدّ، المواكبُ لكلّ
نسمة تأتي بالبشارة ، فتزيل ما تراكم من على
الأجفان.
كلُّ صباح أفتحُ عينيّ لأجدَ الشاعر منكباً ليله على
نصّه ، يُطعمه آخرَ قطرةٍ من الرّوح ، وفي المساء
يختزلُ الوجعَ ليغزله نصاً جديداً يرسله في آخر
الأوقات المستغيثة بحفنة هدأة ، وهكذا دواليك..
فكيف أغادرُ هذا الترف الموجع؟ على الرّغم من أنّ
قلبي رهيف لا يحتمل الألم ، فما فيه يفيضُ
ويتنابعُ ؟
فإلى أين أذهب من هذا الحصار الندي؟ وكيف أغادر
الاحتفاءات؟
مرات استقبلتُ ما يرسلُ بكاءً صامتاً ، يصعبُ أن
أحدّ سيله بأصابع مرتعشة!
ومراتٍ حاربتُ ذلك، بالتجاهل المتعمّد إلى حين، كي
أصونَ هذا القلب الصغير من الوجع:
" الآن عرفت
لماذا القمر يدور حول الأرض
إنه يلاحقك
أبصرته كان يسترقُ النظر
يراقب تحركاتك باستماتة
ويلتقط لك صوراً .."
وما كنتُ أدري أنني أبتعدُ عن الدواء إلى داءٍ ، وما
كان الدّاء إلا الدواء!.
وحين كان يتأخرُ بريده وقتاً ، أتذرعُ بالصّبر وأفشلُ
في تحمله ، أتذرعُ بالكتابة وأفشلُ، ليس فيها وإنّما
بنسيان ما أنتظر، علماً أنني أدرك أنّ الذي أخّر
البريدَ، هو بكاء الشاعر، وتعاظم اغتراباته ، وحنينه
المغروس في الحبر صفصافاً يدقُّ أجراسه، ليعزفَ
سيمفونية القهر والشوق والغُصص، وأعرفُ أنه- كما
كلّ مرّة- في حوار مع نحيبِ الجهات ، يحاصره
الخرابُ الرّوحي، وأنه يحاولُ أن يصالحَ نفسه
لتتواطأ مع ما يشعر به ، لتنبلج قصيدة تسافرُ منه
إليّ:
" حاور نحيبَ الجهات
تكدّس خرابُ الأفقِ
في صوتك
وتراكمت المسافاتُ الخائبة
من أجنحتك العرجاء
وهامتْ بك الأوجاع.."
أعرف أنك في هذه الدّائرة، وأتجاهلُ ما أعرفُ،
لأصبرَ وأنضحَ شوقاً لما يجيئ.
أريد للصفصاف أن يعلن قياماته مع الرّيح، وللكرزِ أن
يُزهرَ، وللضوء أن يُثمرَ.
لهذا أودُّ أن أهمسَ في أذنِ الشّاعر، وأكتبَ بشكلٍ
غير متعارف عليه في كتابة المقدّمات ، ليشكلَ
همسي شاطئناً، أو جسراً يمتدُّ من دهشةِ ما بين
عينيّ ودمي اللاهب ، وما بين القصائد المترفة
بالألم والرغبة في السلام، وأصداف من أريج محبّة،
وأسراب يمامٍ يعلو، ويعلو، ثمّ يحطّ على قلعة
الإباء ، يشي بما حمّله الشاعر المنفي بسربالِ
الاحتماء إلى أمانٍ مفقود، وداليةِ شوقٍ ، وشجرةِ
بيلسان تسّاقط شموساً وفراشاتٍ وصوتاً معشّقاً
بالحبّ ، وكفين فيهما من سنابل البلاد.
يا للبلاد!
كم فيها من رائحةٍ تعبقُ في قصائده ، تجعلُ القارئَ
يسجدُ عند عتباتِها، وفي الصدر تتلى سِيَرٌ، تبدأُ من
أوّل رُقمٍ طينيّ، إلى ما بعد دواوين الدّم الظامئ
لملحمة الهوية، والوطن الذي يبقى ما بقي الإبداع:
" كلُّ المدائن
خُلقتْ من ضلعكَ
سيقولُ المؤرخُ:
كانت عصية على الغناء.."
فالشاعر يمضي حاملاً الجرحَ ساريةً، يقبعُ الحزنُ في
حنجرته ، ويكثر الشوكُ في طريقه ، وعيناه
يَسكنهما الصّمتُ ، ويبقى كالقديسين في محراب
القصيدة ، يؤرّث عسلَ الكلام، أميراً للحرف في زمنِ
انهياراتِ القيم ، يستمطرُ من نداه كلّ برهةٍ قصيدة،
تنقذُ ما يتماوتُ فيه ، تحيي رميمَ الوقت ،ولكن لابدّ
من المرورِ بأزقةِ الموت، ودهاليز الألم كي يدلج إلى
ساحات الحياة. لا بدّ من العتمة لكي يبهرنا مطلعُ
الشمس، لا بدّ من الظمأ كي ندرك عذوبة الفرات ،
فيا:
" قلب النور
ستنتهي المأساة بالفرحة
ويعمُّ الغناء.."
وأنا لستُ أنظرُ أمام مواتك وانبعاثاتك أيّها الشاعر ،
وإنّما هي روحي المؤمنة بك ، وبما يتقاطرُ من مداد
قصائدك من ندىً، فسيّد الانثيالات أنت ، وحامل
راية الندى. وزّع علينا من غدقكَ ما يجعلنا ندهَش :
" وزّع عسلَ الشهقة
على جسم التلعثم الباكي
سيّد العشق أنت
إذ تمطر بالاكتواء
ناسك العفّة الوارفة بالياسمين
ذائع الحبّ النبيل.."
هي قصيدتك المكتظةِ بالوهج ، ونبضك الممتلئ
بالشوق، وقدَرك تمشيه فوق الجراح ، يكتبُ لك
طريقاً ممتدّاً فوق الدّمع ، لتغني القصيدة الحلم،
وتمشط شعرَ الشمس.
فمن منكما يستطيعُ مغادرةَ الآخر، وقد سكنتك
كأنثاك، وأنت تسكنها خالقاً وباعثاً؟
كلاكما يحتفي بوطنٍ سُقي بروح الله ، لهذا تسامى
فيكما ، ورحتما معاً تتباريان على رسمه ، فيجيئُ
الوطنُ راعفاُ بالدّم، وتارة بالقضاء والقدر وبآياتٍ من
طهر ، وأخرى من ضوءٍ وعشقٍ وعشبٍ وجرح و..و..
ياااه!
مصطفى الحاج حسين!
أيّها الشاعرُ الصّامت ، المُضمخُ بحزنٍ عميقٍ ، تشهد
عليه أخاديدُ الوجه ، ومساربُ القلب، والمسافاتُ
التي يناظرها كلّ صبح ، والحلم الذي يشكله عند
مطالعه ، والوحدة التي تدعوه لأن يكتب. هذا ما
جعلك قادراً على سكب ما في ذاتك في القصيدة ،
يا أيها الشاعر، الذي يسكب ذاته في قصيدة!
فتبعثُ فيها إثارة ودهشة وشمولية ، تبحثُ في كلّ
منها عن شكلٍ جديدٍ ، أنت الذي تسألني عقب كلّ
قصيدة : هل جئتُ بجديد؟
أظنك تقطف الإجابة من سؤالك لأنه مأزوم مثلك،
ولاهثٌ إلى شرفات الشروق. إنك لتأتي بما هو
جميل ، شكلاً ومضموناً ، وتُلبس كلّ قصيدة وشاحاً
ملوّناً. بالله عليك كم عدد الأوشحة التي صارت في
حوزتك؟! هل وصلت الألف ؟
قد اكتمل المهر إذن ..اعقدها واصنع أفقاً من ألوانٍ
تضاهي به ألوانَ قوسِ قزحٍ ، لنزفّك إلى حورية
الإلهام التي تنتظرك في (حلب) ، فتؤجج الحدائق
والغابات التي تتحرك أمام عيني كلّ متلقٍ؟
أجدك تسأل غير مصدقٍ، أنّ قصائدك تحرّك غابة من
الدّهشة والشفافية؟! هي على شفافيتها متعدّدة
الطبقات النصيّة ، قابلة لأن توقظ الرّؤى، فتنثالُ
القصائد رائحة ولوناً ، بحيث تأخذ المتلقي إلى
فضاءاتٍ من ألوان راقصة :
" يا طائر الفينيق عجّلْ
هذا الرّماد فتنة بلادي
هذا الدّم نزيفُ دهشتنا ..
امدد يدك لرائحةِ النهار
فكّ أزرار الشهوة الرّعناء
حطمْ أغلال الموج.."
ثقْ بي ولا تكنْ مثلَ "ماكبث" الذي ظنّ أنّ غابة "
بريام" ثابتة، في حين أنها كانت تتحرّك! وهل كانت
زرقاء اليمامة تكذبُ؟!.
تلك قصيدة مصطفى حاج حسين. تقرع أبوابَ
الرّوح، فتُدخِل إلينا الفرحَ، والضوءَ، والنبيذَ والوجدَ،
تدفعنا لأن نفتحَ أعيننا المندهشة .
وتلك ذاته الشاعرة، المفعمة بصورِ البّهاءِ والجمالِ ،
والتي تقفُ حارساً أمام بوّاباتِ الحَرفِ النبيلِ ،
والغابات التي تتحرّك فينا ، فهل صدّقت كيف
تتحرّك الغابة أيّها الشاعر؟
إنك تعتلي رايةً من ندى ، تبحثُ في كلّ نصّ عن
طريقة للخلاصِ والأملِ ، والرّغبة في التوحّد مع
النصف الآخر، مع المرأة والاتحاد بها ، لتشكلا كوناً
مفعماً بالرّوح والأسرار.
هي رغبتك واشتهاؤك الأكيد ، بشغفٍ تكتبُ عنها ،
تمتطي حلمَ اللقاء ، وصولاً إليها، إذ لطالما بوّأتها
مكانة رفيعة ، فحضورها يُشبه رؤية ليلةَ القدر،
لتأتي القصيدة هاتفة بسحرِها ، تدفع كأس نذرها ،
نخب الألوهة العابق:
" ينحني لك نبضي
بخشوعٍ جمّ
يُقبّلُ أصابعَ عطرِك
ويقعدُ فوقَ سجّادة الابتهال
يرنو لعينيك
بعطشٍ طائشٍ
أيتها الأنثى
المخلوقة من نور
في راحتيك يسكنُ لهاثي
ومن على بُعد المدى
يتناهى إليّ ما فيك من بهاء.."
هي المرأة المغايرة، التي تأتي فتأتي معها الأقمارُ
والنجومُ والهمسُ المقدّسُ، والفرح بلونِ عشبٍ
مندّى ، لا تستطيع فصلها عن عشقك الآخر /الوطن
الذي صعب علينا أن نفرّق بينه وبينك ، وبين
حبيبتك.
الوطن الذي شكّل لديك هاجساً يتعدّى المسافات،
تتراءى لنا نغمات ترصدُ صوراً لداخلك ، إشعاعاً
يتنافرُ إلى الخارج ، إلى جسدِ القصيدة ، رافلة به،
هاجساً كان بذرة، ثم نبتت، فأورقت، وتجذرت مما
ألمَّ بالوطن وبك ، فأثر كلُّ ذلك فيك تأثيراً عميقاً،
ولم تستطعْ أن تواربَ تلك الموجات أو تسترها ،
حتى تراكمت وانفجرت. تلك هي رحلة هاجسك
الأليم ، أن يعود الوطن إليه الأمان ، والبهجة إلى
المهجة ، أن يعود إلى أبنائه ، إليك ، طاوياً كلّ
اغتراب وغُصّة وضياع.
أجدك تصلي مغمضَ العينين، تقولُ في سرّك: ليت
هذا يكون.
ولكنه لن يكون إلاّ كما أردتَ أن يكون ، في الشكل
الذي ترتئيه، والصياغة التي حلمتَ بها. لكن سيبقى
الهاجسُ متنامياً، فما لديكَ من نماءٍ غريبٍ في
داخلك لن يضمحل ، هاجسك اللا ينفك يتوالد ، آنى
له أن يغادرك؟! .
أتدري لم؟ لأنك شاعرٌ مسكونٌ بالأوجاع وبالندى.
ولأنّ عندك رؤية وشعرٌ ، وهل ثمّة شعر دونها؟
كثيرون من الشعراء لا تتوفر لديهم فيما يكتبون ،
لهذا نجدهم أمواتاً، بينما أنت ستبقى على قيد
حياة . لأنك زاخرٌبها ، لديك الشمول ، والعمق
والحلم، والقدرة المذهلة على التخيّل ، إضافة إلى
الموقف الواعي. وعلى الرّغم من أن الرّؤى الغالبة
على قصائدك هي رؤى سوداء ، بيد أنّ الأمل
والبشارة موجودان في عشقك الكبير لتلك
المعشوقة، التي استطاع أن تماهيها بالوطن،
وبالمدينة الأثيرة لديك ألا وهي حلب.، حيث تأتلق
كمكان داخل القصيدة ، ولأنها واقعة في ضيم
الإرهاب ، فالشاعر الذي تكونه قادرٌ على التأثير
والاقناع ، ودلالات المكان لا تغادر عشقه له، فمنه
تأتي البداية وإليه تنتهي الطرق والدروب، وما بين
الأمرين رحلة اغتراب وضياع وألم وحنين وأمل
كبير بحجم حلب .
ولعل ما هو لافت، ثمة وحدة عضوية في كل قصة ،
جلية الملامح ، يانعة الاشراق ، مكللة بلغة
متجدّدة ، تسعى كما كلّ مرّة بحثاً عن الانتقاء
واختيار اللغة المعبّرة ، والصورة المكتحلة
بالانبعاث، لتأتي القصيدة بعشقٍ تحبّر بياضه الأليم،
بما يمتلكُ من فطرةٍ شعريّة ، وأفكارٍ منمّشة بجراحِ
الواقع وغبار المعاناة ، وشقوق الوقت ، يكتبها
بسهولة ودون افتعال أو احتباس، تهدلُ في وجداننا
دون استئذان ، راتعة بجمالياتها ، نلامسُ فيها
بساطة التعبير، على الرّغم من رمزيتها وعمق
إيحائها ، ولعل ما يُدهشُ أنها تختمُ دنانَ حضورها
بالتفاؤل والحبّ السّامق.
فيا أيّها المصلوبُ على رايةِ الندى !
كلّ القصائدِ تتقاطرُ منك ، خطواتٍ في طريق
الضّوء، لتجعلَ منك فاتحاً قديماً على بوابات الألم
النبيل .
كلّ الأقصية تأتيك، أنت الذي تغرّب وما كان يرغب ،
فجددتك القصائد انتماء كل حين إلى الجذور ،
وصارت العناوين تأخذ عناوينها بفخرٍ ، حملت سيفاً
لتواجه به ظمأ الرّحلة ، وأشواك الطريق وعراء
الطريق، فنبتَ قدّاح على خدّيه ، ورفعتَ وأنت
مفعمٌ بالجراح راية الندى.
ياصاحب الندى !
سلامٌ لقصائدكَ التي أحالت السّكاكين إلى عشب
وندى، والظلمة إلى فجرٍ، ومواسمَ الحداد إلى
أغنيات خضراء.
لاهفة كنتُ وسأبقى إلى سحر عبارتك ، إلى مطرك
اللا يقف ، إلى عطاءاتك ، أحسني حين أقرأ قصيدة
ما لك ،أنني أقرأ شعراً له سحر وغواية، منذ عهد
آدم واغواءات الشجرة وهي تصعد في شرايين
الشهوات، تحملها في جيناتك ، تشعلها ناراً وإبداعاً
لا ينطفئ . أتخيلك تطرق برأسك حياءً ، بيد أنني
ما غاليتُ بما باحَ حبري في حقِّ قصائد لها اشتعالُ
الندى.
نجاح إبراهيم