و إذن أصل حكاية "نطق" أن النطق يمثل آلية تسطير المرء لعلاقاته إذ يكون عاقلا، عليما، حرا، و مالكا لزمام نفسه. و يتجلى نطق المرء لأمره في كلمات و سلوك و حال يكون عليها. ● مسؤولية الناطق إن المرء إذ ينطق أمره فإنه يكون مسؤولا عن منطقه أمام خالقه - جل و علا - و يكون مسؤولا عن منطقه بين يدي مجتمعه على ما هو عليه - المجتمع - من أنظمة و عرف و تقاليد و قوانين نافذة - أما مسؤولية الناطق لأمره أمام ربه فذلك بحكم أن الله تعالى منحه العقل و العلم و الإرادة. و أما مسؤولية الناطق لأمره بين يدي مجتمعه فذلك بحكم أن المجتمع الذي يحيا بين جنباته قد استقر أمره على تعليمات و أعراف و تقاليد ينتظم بها حال الناس و أحوالهم ضمن نطاق وطن و دولة. [للاستدراك: قد يكون الوطن - إضافة إلى ما عهدناه من مكان نعيش في جنباته - هو البيت الذي نسكن به و إليه، و الأسرة التي نركن إليها، و الأنظمة التي استقر أمرنا عليها] إن الفرد الحر من الناس ما دام يملك عقلا و علما و إرادة، فإنه - و بعد تقليبه لوجهات النظر في أمر ما - تجده يحزم أمره و يشرع في تنفيذ ما استقر عليه وجدانه و يتجلى فيما هاهنا منطقه الذي يعبر عن عموم مخزونه العقلي [الذاكرة] و يعبر عن نمط تفكيره الذي قد يكون سويا أو غير سوي. ● الإرادة الإرادة هي واحدة من أهم مقومات المنطق. و إنه من المستحيل أن تجد أصناما لديهم إرادة يحزمون بها أمرا ! و لذا قال إبراهيم الخليل عليه السلام لقومه في حجة دامغة منه: (فاسألوهم إن كانوا ينطقون )[الأنبياء63] و كيف لتلك الأصنام أن تنطق أمرا ؟! و إنها بلا علم ولا قدرة ولا إرادة ! إن أدوات المنطق: /علم - إرادة - قدرة/ و بالمنطق كان الإنسان خليفة الله في الأرض، و ذلك بعد أن منحه ربه خصوصيات الخلافة من علم و إرادة و تدبير.
و بعونه تعالى أستدرك معكم بقية هذا الموضوع في منشوراتي القادمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق