الأربعاء، 3 يناير 2018

الطالع في الغيب - عبدالزهرة خالد البصرة / ٣-١-٢٠١٨

الطالع في الغيب
———————
حدثني ذات مرة عن حسن وسوء الطالع مستشهداً بوالده وقال :- كان والدي رغم قساوته وحذره الشديد من الطالع الغيبي يرتكب أخطاءً نتيجة تأنيه المفرط ولحساباته غير المدروسة فهي أغلب الأحيان تسير عكس مطلبه…
يعود حالاً لننال منه الصفعات والسبّ والشتم حينما يخرج ويسمع أحداً يعطس خلفه أو يقابل أرنباً وهو في الطريق الى هدفه المنشود ربما هناك قياسات طالعه وتنبوءاته لم يفصح عنها فهي أسرار تفيد مشاريعه الوقتية،
هكذا كانوا ينتقدوه على كثير من الأمور لأنهم يجدونها غير مشجعة في تنفيذ ما يريد بسبب سوء الطالع وكذلك لو يعلم الغيب لأستكثر من الخير ، فأحياناً يتخذ تفسير الحلم قراراً صائباً في أموره الأقتصادية والأجتماعية ، ولا أعلم هل احتاج يوماً مسبحة شيخٍ أو سيد ليأخذ الخيرة في السفر والشراء أو غيرها من أمور. وبهذا الموضوع لا نريد الخوض في تعريف الخيار والتفريق بين الحدس والفراسة والتوقع والتخمين وكل المفردات التي تدخل ضمن المعنى الخاص بعلم الغيب والطالع مع تقديري الكبير للعلم المختص به.
في الماضي والحاضر لم يكن الأمر عيباً في مجتمعنا بل هو عرف سائد يسود القرارات المتشابهة على الفرد فالحيرة قد تكون معدومة بفضل الرسو على الاحتمال الأفضل بقياس حبات التأويل .
أردف صاحبي قائلاً ، اصطحبني والدي مرة الى أحد الشيوخ ليطلعه عن مصير السرقة التي حدثت في بيتنا بعدما قال له العراف أن السرّاق قد أختلفوا وستعود إليهم المصوغات والراتب وغيرها من مواد وبالفعل تم إعادة كافة المسروقات .
لا أقصد الإساءة الى ما يفعله كل الأباء ولا والد صديقي فقد يكون محقاً في زمانه لكني أشعر مندهشاً في نفسي وأنا أتجاوز الستين من عمري بخمسة سنوات أصبحت مثلهم ، فحينما أعود لحمل محفظة النقود التي نسيتها أو مفاتيح العمل أو أي شيء تكون نتيجة الخروج الى المهمة فاشلة ولن أنال غايتي المنشودة أي ستكون سلبية بكل الأحوال وعندما أقرر مقابلة أحد سأجده غائباً بما بلغتني به سوء الطالع من خلال العوارض التي تعيق ذهابي منها النسيان أشيائي أو بكاء أحد الأحفاد لمرافقتي .
بينما في أحد السفرات مع عائلتي قبل انطلاق القطار الصاعد الى بغداد بربع ساعة تذكرت أني نسيت كل نقودي في الخزانة بينما استنجدت بصديق يسكن قريباً من محطة القطار يأتي مسرعاً قبل خمسة دقائق حاملاً لي ما أريد لكن طالعي باء بالفشل حينما كانت السفرة جميلة وممتعة .
عليّ أن أعترف أمامكم ساداتي قد أتخذ في الوقت الحاضر دور الأجداد القدامى عند الفراسة في تكوين الأشياء والتنبؤ بما هو آت . ولو أن الحدس يكون في وقته السليم في تحديد النتائج لكني في أغلب الأوقات لا أصدقه أو أعتمد عليه نتيجة مكابرتي وعنادي وقد يجبرني الوقت في استخدام كشف الفأل قبل الشروع في غاية معينة ونعرف جيداً بالنسبة لنا كشعب بسيط تجري سفننا بما لا يشتهي السَفَن.
أتذكر في بداية الستينيات كان العرافون يتجولون في أزقة الحارة كبائعي قناني الغاز ينادون عن مهنتهم وقد استدعت جدتي أحدهم وكان أخرساً
ونحن أطفال أنا وأخي نظر إلينا هذا الأخرس وأشار بكفيه عليّ الصعود سلّم الارتقاء بينما كانت الإشارة التي وجهها إلى أخي النزول وبالفعل لقد توفي في حادث سيارة وهو في مقتبل العمر في المرحلة الثالثة من دراسته الجامعية بينما أنا متقاعد حالياً فهل صدق المنجم ؟ .
أريد أن أختم مقالي هذا بحادثة سمعتها وسأنقل مضمونها والعهدة على الراوي الذي لا أتذكر اسمه ، حضر مجلس العزاء لوفاة أحدهم ومن خلال لقائه بأخوته ذكر لهم أن المتوفى أتصل به قبل السفر يسأله أن يأخذ في مسبحته الخيرة لسفره ، وكانت جيدة حسب ما ورد في حجر المسبحة وهنا انتفض أخوة المتوفى طالبين من عشيرته القصاص ودفع الدية البالغة كذا مليون لأن الشيخ هو كان السبب في مقتله بحادث السيارة ولولا تشجيعه على السفر لما كان الحادث ، أرجوكم لا تتورطوا في مثل هذه الأمور لأن لا يعلم الغيب إلا الله تعالى .

——————-
عبدالزهرة خالد
البصرة / ٣-١-٢٠١٨

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق