السبت، 9 ديسمبر 2017

اليمن مركز العروبة: عبدالزهرة خالد البصرة / ٧-١٢-٢٠١٧

اليمن مركز العروبة
———————
شجرة البن وحبة موز وورقة خس تعتاد عليها في صباحات جبلية لا تغطيها الثلوج بل ثمار الصبار تفاحة شوكية ( بلس ) كل شيء في صنعاء له قيمته حتى أشعة الشمس تحتاجها عند بداية النهار الذي يبدو لونه كحليب الماعز المعتلي على الصخور بكل شموخ.
كنت أهرب أنا وأقلامي حينما أذكر اليمن وأنا الغريب وقد حطت رحالي في بداية عام ٢٠٠٧ لأن الذكريات تسبب لي كما يقال مرض الحنين الى تلك الديار. لم أشعر بالغربة أبداً من أول ليلة وأحسست أن أصل كل عربي هو اليمن ، لربما لهروب شخصيات كبيرة وعملاقة لا لطلب العيش بل كان مطلوباً للثأر حيثما معارك القبائل جارية رغم انتشار دين الاسلام .
لا أريد أن أطنب في المقدمة لأنكم حتما ستضعون عبارات وكلمات أفضل من كلماتي بكثير ، لكني سأركز بعض الأمور لتكون محوراً لموضوعي الأدبي.
للنظر على موقع اليمن جغرافياً وفي القسم الأكبر من الحدود تقع السعودية جارة قاسية ولها أثر كبير جداً على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها من نشاطات يتعدى ذلك على حساب الدين والمذهب .
بصورة عامة فالشعب اليمني مقارب ومشابه إلى طباع شعبنا في العراق من ناحية الطيبة والكرم والاسلوب العربي في التعامل مع الأخرين خاصة مع الضيوف والغرباء القادمين من خارج البلد.
تجد الغالبية العظمى للشعب هم فقراء الى درجة كبيرة من الفقر إضافة الى الجهل والأمية ولو هناك تحرك في تطوير الثقافة والتعليم في زمن حكم علي عبدالله صالح ، فقد مرت على اليمن كوارث كبيرة نتيجة الحروب الأهلية والداخلية واستمرت لعدة سنوات ولو نبحث عن أحصائها لنجد هناك أكثر من ثمانية حروب طويلة فيما بينهم خلال نصف قرن الماضي.
أختصاراً للتعليل نجد أن السعودية لم تقف محايدة أبداً تجاه الصراعات بل حتماً تنحاز الى أحد الأطراف.لذا فهي السبب في إطالة أمد الصراع واتساع 
الرقعة لتشمل عدة أماكن من البلاد.
عندما تزور السعودية تجد هناك عمالة يمنية كثيرة وهي أرخص وأبخس ثمناً مقارنة مع العمالة الآسيوية لذا أجد هذه النقطة المهمة في ابقاء اليمن متخلفاً ثقافيا واقتصاديا ومن كل النواحي .
ونضيف على ذلك أسلوب الحكم الذي مر على الدولة يحتم على إبقاء الشعب اليمني يعاني من الفقر والجهل كشرط أساسي في ديمومة نظام الحكم السائد آنذاك . لذا فلا غرابة في تدخلات السعودية لمصلحتها ولغرض اخضاع اليمن حكومة وشعباً تحت سطوة المماليك .
كوني عشت في اليمن ما يقارعههب أربع سنوات زرت أغلب محافظات الشمال 
وكذلك عدن كانت خلابة من ناحية الطبيعة والمناخ والزراعة ولما تتمتع بها من أمطار تكفي لزراعة كافة المحاصيل الزراعية وعلى مدار السنة تجدها في الأسواق أما الثروة السمكية تنافس الدول المتقدمة من ناحية الجودة والكمية.
هناك مناطق وأماكن أثرية لازالت شاخصة تتحدث عن الزمن الغابر وكل شيء محافظ عليه لأنهم يحبون تراثهم العريق وتأريخهم الراقي في كل العصور..
أقر وأعترف أمامك عزيزي القارئ قد يكون مقالي مقصراً في حق اليمن وأهلها ، لم أجد هناك عيباً واحداً في هندسة البناء في القرى والأرياف حينما تجد عمارات سكنية للعائلة الواحدة وعلى قمة الجبل وقد شُيد بالمواد الطبيعية كالرمل والطين والطوب المحلي ولم أجد في أي مسكّن أو محل اجهزة تبريد أو تدفئة بسبب المناخ الذي لا يوصف .
قد يستغل الشعب من التمتع في مضغ ( القات ) صالح كل أعمالهم حيث أغلب اجتماعات الحكومة والسياسيين وأعمال المهندسين والعمال والمقاتلين بعدما يمضغ تلك الورقة العجيبة من أشجار طغت على أغلب الحقول كونها تدر ذهباً على مزارعيها بينما تقلصت زراعة البن والبطاطا وغيرها من محاصيل مهمة نتيجة العوز المادي للاسباب آنفة الذكر .
تركت هناك ذكريات جميلة جداً ولي أصدقاء كثيرون لازلنا على تواصل ومعرفة أخبارهم وأختم مقالي بهذه الطريفة صعدتُ سيارة التاكسي بعد الاتفاق على سعر محدد فأجاب السائق بعد المداولة والنقاش بكلمة ( ماشي ) فظننته قد قبل العرض في السعر لكن بعد وصولي الى المكان قدمت له المبلغ الذي كنت عرضته عليه وأجابني ( ماشي ) إلا أنه غضب مني جداً ورفض ما قدمته له في الأخير أتضح لي أن كلمة ( ماشي ) ليس بنفس المعنى الذي نعرفه بل معناه عندهم غير مقبول أي ( ما فيه شيء مقبول ) فاختصاره ( ماشي ) .
تحيتي لليمن وأرضها وجبالها ومائها وهوائها 
محبتي واعتزازي بأهلها ، 
لقد ظُلموا من حكام السعودية وأذنابهم لإجل أذلال هذا الشعب الأصيل ولأنهم أصل العروبة .
تباً لمن قتل الطفولة والحياة والطيبة والكرم .
لابد أن يتعافى هذا الشعب النبيل بإذن الله تعالى…

———————-
عبدالزهرة خالد
البصرة / ٧-١٢-٢٠١٧



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق