الأربعاء، 23 نوفمبر 2016

(((((الماضي لا يموووت)))) بقلم : نورالنصيري

(((((الماضي لا يموووت))))
الحياة مسرح ...ونحن ممثلون ...نستنسخ الحقيقة ..
فهل نفلح ؟
...
حتام ...ابقى مجرد ظل رجل يمشي متعثر الخطوات ...قابع في 
ركن البيت بلا هيبة ؟
قالها في نفسه وهو يجتاز السلم المؤدي الى شقته ...طرفت عيناه رتاج باب جارته ..سونيا...سونيا أسم مناسب لعملها في الملاهي الليلية ...
يجر افكاره جازعا ...اه كل من حولي يمتهن ...
جسد سونيا تنهشه ذاب الليل 
وكرامتي ..ينهشها ابي امام الداني والقاصي . لم احظ برضى ابي وقبوله ولم أنس ذاك اليوم الذي شاهدني فيه انفث دخان سيكارة ..كيف اشبعني ضربا مبرحا ...يكرره عليّ كلما اخفقت درجاتي في مرحلتي الثانوية وكان الطرد خاتمة فشلي وانا ابن 19 عشرعاما .دون ان يرعوى الى توسلات امي ونحيبها علي وهي تصرخ ..
.ارجوك كن صديقا لولدك ...
ان كل شيء فيّ يمقته ويزدريه ...يقول عني اني لست رجل ..ينهرني على كل صغيرة وكبيرة ...يريدني ان احيا كما كان هو ...وان ارتدي زمنه وصلابته ..اعيش كفاحه ونحته في الصبر وكيف استطاع ان يكون رجلا ذا هيبة .
كان الوقت متأخرا وأنا شاب مخذول...لا يعرف اين يذهب 
وأنا أجنر خواطري وقع على مسمعي صوت فتح باب التفت فأذا هي سونيا ..يطل من عينيها حنان غريب وهي تقول بصوت ناعم يسعد مساءك استاذ صلاح هل ستبيت ليلتك على السلم اتفضل عندي 
...اي سر لذاك الهمس المجنون كانه يتسلل الى عقلي فيرديه قتيلا 
..انفرجت شفتاها عن ابتسامة كأنها ترطب جراحي الغائرة في صدري وتمسح عني عذابي دخلت البيت وصفقت الباب وراءها بهدوء ..كان الباب يودعني قبل أن يعيدني الى سجني المؤيد .
كيف ليعينيها ان تغوص في قلبي فتطير به ...ثم لترميه من اعالي ومشاعري
اني بحاجة الى انسان قريب من قلبي ..لاحيا .كي اعيش حتى وان كان قلبي لا يجري الا وراء حتفه .
...انه يهرب ..بسونيا عن عوالم خفية من الانكسار _ انه ضمآن الى واحة قلب ...لقد كانت ابتسامة سونيا وطن يريد ان يحيا من خلاله ويحمي عنده انسانه الضعيف .. . 
_ انها السبيل لانعتاق روحه من ذاك الجسد الذي طالما عنفه ابوه .لقد وجدها تحديا ...لا بل علامة فارقة في حياته هي العلامة الفارقة بين قوته وضعفه ...هي بداية الانفصال عن شرنقة ابيه 
وظل بقنع نفسه...بسونيا يبتعد عن ابيه فأثر الاختباء عندها والعيش لقد اختار الخطيئة على فضيلة يقدمها ابوه تحت سياط العنف واالاهانة
سونيا ...
كانه احبها من الاف السنين ..كأنها خاتمة عذابه وايامه 
لا هي خاتمة قلبه وسوف يحيلها الى امراة فاضلة 
سونيا بئر من الفضيلة ربما لم يمعن في حفره احد
لا تستغرب منه ..لقد تزوج سونيا
..واقعدها عن عملها ..وارتحل بها الى منزل بعيد عن الحي الشعبي الذي كان يقطن فيه ...وراح يبحث عن عمل هنا وهناك يعود بعده بقروش لا تكفي سد الايجار ومتطليات العيش ..
هاهو الواقع يعود ليطحن اماله من جديد ...
..يزج به في قضبان صدئة ..هو عاجزعن ايفاء متطليات سونيا ...
يخرج معها ...بغية التنزه ...فيشكك في كل عين تتشوفها ...هل ذاك الرجل الذي مر ...زارا قلبها يوما ؟
هل وطيء حرمة ذاك الجسد الذي امتهنته يوما ؟ انه بات اسيرا لذاك الشك الذي بدا يمتهن حبه لها ....ان حكاية حبه مشبوبة بالشك والالم وبالعذاب والقلق ...هل اخطأ في قرار زواجه ؟
...هل حقا احرقت نار الفضيلة تلك الانثى المتمردة على الاعراف والتقاليد والقيم ؟
ما تراها تفعل في غيابه ...سؤال لم يبرح باله يوما 
انها وفية ومخلصة الاان شيء خارج عن ارادته يابى تصديقها والوثوق بها 
.قال لي وهو يستذكر احداث عمره لي :
مرت السنين وانجبت سونيا ابني احمد ...وكان ابني احمد ...نور في حياتي ..نورا استضيء به كل خطولتي الفاشلة التي سرتها بعيدا عن ابي ...وكبر احمد ودخل المدرسة المتوسطة انه في سن حرج ..
..اعود من عملي اجلس ليلا احتى اذاكر له دروسه وانا سعيد ..سعيد به ...انه شريان حياتي ...ان انفصل عن قلبي ....مت
حتى جاء يوما ...عدت فيه الى البيت انتظره فرأيته منكسرا ...وعرفت ان صديقه المقرب من نفسه جدا .حسام .قد منعه ابوه .. من ان يستمر في رفقة احمد دون ان يدرك الاسباب الحقيقة لذلك هل كان ابا حسام قريب يوما ما من مكان عمل سونيا ..هل صادفته يوما ؟...لقد اعتقدت ان الايام صديق وفي يخفي الاسرار ويرمي مفتاحها في البحر .. .وامنت من مكرها ..فأذا بها افعى تنفث سمها في كوؤس شرابي 
وبدأ احمد يعيش في دوامة من الحزن والحيرة .لقد وشى به حسام عند بقية اصحابه في المدرسة ..قال لهم ان اباه يعرف ان ام احمد لا تحمل في سجل حياتها تاريخ مشرف ...وبدأ يرتاد في ساعات الوحدة الجلوس في احد المقاهي ...انه يبتعدعني ...كأن شيئا خفي كسر ما بيني وبينه وفي عينيه حيرة ..وارتياب ..كان فيها تساؤل وشيء من عتاب 
حتى جاء اتصال هاتفي وانا في عملي ...
من احد المشافي ..
ذهبت فوجدت ابني احمد يحتضر ...والدماء تغطيه ..
سألته وانا جازعا ...كاني على وشك المووت ..
قال : لقد تشاجرت مع احد شباب الحي في المقهى 
مسكت السكين ورغبت في ضربه ..فخطفها مني بقوة واوغلها في قلبي ...
_ لماذا يا ولدي 
_رد احمد وهو يلفظ انغاسه الاخيرة بين يدي 
لقد قال لي يا ابن الـ .
هل حقا كانت امي ......
الحياة تدور بي ..وانا امسح عنه الدماء بثيابي واقبلها ...لا تنقطع يا شريان حياتي ...لا تمت ...فانت ابي واخي وضماد جراحي 
الحزن يأكلني بلا هوادة .. ويقتلني بلا رحمه
دفنت ولدي وانا في ذهول ..والناس من حولي يبكون لبكائي وعدت الى البيت 
وانا اصرخ سونيا..
مسكت سونيا بها من رقبتها وضغطت عليها باصابعي بقوة وانا اردد 
سونيا ليتك تعلمتي مبكرا ان الانثى ..لا تحمل اسم ابيها واخيها فقط ...بل القادم من نسلها .....انها ارض اما ان ترفرف عليها رايات الشرف البيضاء ..او تنكس .....لاخيار للون الرمادي في قانون العفة 
ان حريتك الواهنة ..نصل سكين حاد ذبحت بها ذلك الشريان الممتد بين قلبي وابني ..وبين ابنك والحياة 
سونيا رغم كل اخلاصك ووفاءك ..لم اعد اراك سوى امراة تفننت في الايقاع بي في شباكها ..اي ارث تركتي لي ولابنك ..سوى حصالة اثقبها العار 
سونيا ..سونيا ردي علي..
لقد قتلت سونيا ...دون ان ادري ..
سلمت نفسي للعدالة .وانا الان خلف القضبان 
ولا زال الماضي يطاردني ...
اهمس ودمعتي على خدي 
سامحك الله يا ابي

نورالنصيري


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق