الجمعة، 26 أغسطس 2016

الأشهر الحرم : بقلم : كفاء محمد الدجيلي

الأشهر الحرم
ورد ذكر الأشهر الحرم كعدد في كتاب الله تعالى في عدة آيات كقوله تعالى : ( إن عدة الشهور الله إثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة وأعلموا أن الله مع المتقين ) ..
والأشهر الحرم أربعة من الاشهر القمرية ، سميت بذلك لحرمة القتال فيها منذ عهد النبي إبراهيم عليه السلام ، وبقي نافذا منذ ذلك العهد حتى زمن الجاهلية ، فكانت العرب تعطي لها أهمية وقدسية فتضع الحرب أوزارها ... وقد أعطاها الإسلام وأولاها حرمة .. والأشهر هي ( رجب مفرد ، وذو القعدة ، ووذو الحجة ومحرم متصلة ) في هذه الاشهر يضاعف فيها الذنوب ، وكذلك الحسنات .. ولها أحكاما خاصة ليست لغيرها من الاشهرالاخرى وهي :
حرمة إبتداء قتال الأعداء
تضاعف الذنوب
تضاعف الثواب والحسنات
تضاعف الدية للقاتل
وكان العرب في عصر الجاهلية يغيرون الأشهر الحرم حسب ميولهم وأهوائهم ومنافعهم ، الأمر الذي كان يعرف بالنسيئ ، فكانوا يقدمون ويؤخرون فيها، كما حدث لأحد زعماء قبيلة بني كنانة إن خطب في موسم الحج في منى وقال : ( إنني أخرت المحرم هذا العام وأنتخبت شهر صفر مكانه ) وروي عن إبن عباس أن اول من سن هذه السنة هو عمرو بن لحي ، وقال بعضهم ، بل هو قلمس من بني كنانة ..
ويأتي معنى النسيئ هو التلاعب بالأشهر الحرم حيث توضع شهر اخر مكان الشهر المحرم ، كجعل صفر مكان محرم .. وهذاتلاعب بأحكام الشريعة وأختراق حرمة من قلب بعض أصحاب الأهواء .. ولهذا نزل قوله تعالى ) ( إنما النسيئ زيادة في الكفر يظل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطؤا عدة ما حرم الله فيحلو ما حرم الله ، زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين )
أما سبب تسمية هذه الاشهر بهذه الأسماء تبعا لما تحمله من معنى شريف ..
فمثلا شهر ذو القعدة سمي بذلك لقعود العرب فيه عن القتال والغارات وفي بعض أيامه حوادث عظيمة ففي أول يوما منه واعد الله تعالى موسى ثلاثين ليلة وفي خامسه رفع إبراهيم وإسماعيل القواعد من البيت وفي خامس عشرين يوم دحو الأرض، وقال إبن بابويه في ثواب الأعمال في ليله ولد إبراهيم عليه السلام وعيسى عليه السلام ، وفي تاسع عشريه أنزل الله الكعبة وهي أول رحمة نزلت من السماء .
أما ذو الحجة ، فسمي بذلك لأداء مناسك الحج فيه والأيام المعلومات وهي عشرة والمعدودات هي التشريق، وروي ان ميقات موسى عليه السلام كان ذو القعدة فأتمه الله بعشر ذي الحجة .. وقد يكون الاصح رواية فيه ولد إبراهيم عليه السلام واتخذه خليلا ، وفيه ايضا زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليا بفاطمة عليها السلام ، وروي انه كان يوم السادس ، وفي ثالثه تاب الله على آدم عليه السلام ، وفي سابعه يوم الزينة الذي غلب فيه موسى عليه السلام السحرة ، وفي ثامنه يوم التروية ، وفي تاسعه يوم عرفه وفيه سد النبي أبواب مسجده إلا باب علي عليه السلام .. وعاشره عيد الأضحى، والثلاثة بعده أيام التشريق وفي ثامن عشرة يوم الغدير وفيه اخى النبي بين أصحابه وفيه قتل عثمان بن عفان ، وليلة تسع عشرة دخل علي عليه السلام على الزهراء عليها السلام وكانت ليلة جمعة ، وفي احدى وعشرين أنزلت توبة داود عليه السلام ، وفي رابع وعشرين نام علي عليه السلام على فراش النبي محمد صلى الله عليه وآله ، وفيه تصدق أمير المؤمنين علي بخاتمه وهو يوم المباهلة ، وروي انه يوم البساط ، وفي خامس وعشرين نزلت سورة ( هل أتى ) في أهل الكساء ( آل البيت ) عليهم السلام .. وفي سابع وعشرين طعن عمر بن الخطاب ( رض ) .
أما رجب هو من الترجيب والتعظيم ويسمى الأصب ، لأنه تصب فيه الرحمة والمغفرة على عباده ، ويقال له الأصم لعدم سماع صوت فيه يستغاث ، وقيل أنه لا تسمع فيه قعقعة السيوف .. ففي أوله ركب نوح عليه السلام السفينة ، وفي ثانيه ولد الباقر عليه السلام وفي ثالثه كانت وفاة علي الهادي عليه السلام ، وفي عاشره كان مولد الحوراء زينب عليها السلام ، وفي ثالثة عشرة مولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في الكعبة المشرفة، وفي نصفه خرج النبي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه من الشعب ، وأيضا تم فيه تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة ، وفي خمس وعشرين كان وفاة أسد بغداد الإمام الهمام موسى بن جعفر عليه السلام مسموما على يد هارون العباسي ، وفي سبع وعشرين منه مبعث النبي ( محمد ) صلى الله عليه وآله وسلم .
أما شهر محرم سمي بذلك ، لتحريم القتال فيه والحرب والغارات ، عند العرب ، ففي أوله أستجاب الله دعوة زكريا عليه السلام، وفي ثالثه كان خلاص يوسف من الجب على ما روي، وفي خامسه كان عبور موسى عليه السلام من البحر ، وفي سابعه كلم الله موسى عليه السلام على جبل طور سيناء ، وفي تاسعه اخرج الله تعالى يونس من بطن الحوت ، وفي عاشره كان مقتل الحسين السبط الشهيد الثائر على الظلم ، ورمز الإصلاح، ويستحب فيه وفي ليلته زيارته عليه السلام ، لما لها من الاجر الكبير والثواب الجزيل ...
ملاحظة : قد يكون هناك اختلاف في التواريخ والروايات ، ولكنها تتفق في انها حدثت ضمن هذه الأشهر المباركة ..
أثابنا الله وإياكم بحرمة هذه الأشهر العظيمة ، وجعل أيامها أمن وأمان وخير وبركة على جميع البلدان .
دمتم بخير دائمآ . أحبكم في الله .
كفاء محمد الدجيلي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق