بائعة اليانصيب
وسط الزوبعة وجوه لا تعرف اين رأتها كانوا كأنهم سطورا شابها الغموض الفرح في مدينتها ..قميص ابيض مزقته الريح ... والحزن فيها لم يهل التراب عليه احد . فلم يعد غريبا ان يهرم الناس فيها قبل اوانهم ما دامت ترمي بهم خارج الحياة ولا تحتفظ الا بيافطات وصور واسماء ضحاياها على الجدران . وهي .. المرأة التي ..قطعت تذاكر التفرج على الحياة من بعيد بعد ان اطفأت الحياة عيدان ثقابها وراح ورد خدودها يشرب من دمعها . تتسكع بين الازقة .. كحمامة فقدت اليفها ..وطفل شاخ قبل إوانه والعمر يمر من جنبها بأقدام حافية ..يفتش عن محفظة امال التي اضاعتها ...وفردة السند ريلا التي لم تجود الايام بها حتى التقتها بائعة اليانصيب .وهي تجوب الطرقات تبيع الحظ ومفاجئات الايام ..اهدتها ورقة حظ مدفوعة الثمن مسبقا البستها اطواق اميرة ...ورمت لها بفردة حذائها ...قالت ...استبشري وافرحي ...ارقصي كما النسائم ... وذات ليلة ماطرة .. . قلبها لم يدلها على الخير كانت مبعثرة روحها على ارصفة الغربة وقفت بعجلات سيارتها عند موقف اشارة المرور الحمراء همت بفتح النوافذ فاذا بها قد احكمت قفلها ....فوجأت ان الابواب ايضا اوصدت واستعصت على الفتح . ..شعرت بالاختناق ..والعزلة الزحام يملا المكان. وزحام يلهث خلف ظنون الاماني وركام ذكريات بدت كأنها معاطف ايام ترتديها ..بعيون فرقت بالدمع وتتساءل ماذا لو نشٌتها وتحررت من اسر قيودها ؟ مسكين من يملك ذاكرة صخرية تحتفظ بأحداث الايام كما نقوش فراعنة ولدنا في هذه الحياة ..كي نحيا .فلم لا نجلس على طاولة فرحها وان كان مؤقت ؟ ان نفوسنا كغابة مظلمة ...تعبث الريح بأوراقها ...فلا نحن قادرين على وقف الريح ...ولا على وأد اوراق اشجارها .....لكن قد تهبنا الحياة بين آونة وأخرى مصباح حتى لو كان خافتا .. .يكفي ان يضيء لنا الطريق .. تمتمت .. يا رب لا اريد ان اعود لشوارع غربتي .. كلما سرت فيها اوقدت في قلبي وفكري حروب... لا زالت تتقلب على ضوضاء هذا الشعور حتى سرحت بـأفكارها . غير أبهة بأبواق السيارات المتزاحمة في الطريق. ورغم نباهة رجل المرور فقد تخطت الاشارة الحمراء .. .وسجلت مخالفة مرورية ... فأصطد مت بسيارة اخرى ,,جاءت بغتة ..كبرق عاصف انعطفت الى طريق اخر ...وقد تهشم زجاج النوافذ وتناثر فوقها كمطر نقود عجلاتنا بثقة ...وخلفنا تقودنا الأقدار فكأن الحياة تخبرنا لم تكن وحدك ..يا وحيد في الحوادث تأتي تلك اللحظة التي نتشبث بها بالحياة ...فيهون معها كل امر عظيم خلناه مستفحلا أفاقت من هول الحادث ابواب سيارتها قد فتحت .بعد ان انعطفت الى درب لم تألفه من قبل .ولم تكن تدرك وترى جمال الكون فيه .. حقا من حوادث السير يأتي كضرورة روحيّة.. كطوق نجاة .. انه اللطف الالهي ..والترياق الشافي ...حين تستفحل علينا وعكاتنا وبرد الايام أتراه عكاز القدر ...ومفتاحه السحري لبكائنا السري ؟ انه السفر و الرحلة التي تقودك الى الجزء الاخر من الكون الذي لم تراه مسبقا .. .ولكن منا مخالفة مرورية ...وتصادم وضربة حظ . بمثابة مخاض لولادة انسان برؤية جديدة وقلب جديد..... كان شيئا كأنه السحر لمس الحياة ووهبها سكونا ..وطمأنينة ..وحبور من قال ان دقات القلب التي تذهب ..لن تعود ؟ لقد اعطاني عمرا فوق عمري فكان الجزاء العادل وكان بشرى لمقعدي المحجوز ولا زلت اتساءل ...كيف عرفت بائعة اليانصيب اني فزت بالسبقة ؟ نور النصيري
 |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق