أيهما تقبل هامته.
لاح لي مشهدان. غربلتهما البصيرة. ودونتهما ذاكرة الإخبار. في مشهدي الأول لاح شيخ مقدس يتسربل تقواه. يلعق أصابع رغبته يستبسل مابين أطباق لذته. يأخذ نفسا طويلا؛ ثم يهوي راكعا ساجدا وعيونه تتلبد بغيوم دامعة.. وخرز مسبحته تتابع بعضها بعضا إلى أن تستقر على مصلى الدعاء. بعدها يلملم عباءته كي يكمل قائمة الهبات.. يسيل من فمه نهران مزبدان؛ على اليمين. مثاليات محمدية علوية وعلى اليسار مثالب وعيوب كالجبال لذوي الخصومة. في مشهدي الثاني لاح لي فتى بالكاد تعد سنينه ينشئ ساترا بيديه العاريتين. ينظف سلاحه بزيت أسود وعرق مملح بالتراب. يعبئ ذاكرته من آخر كلمة همست بها أمه وأخرى نطق بها والده. تمطر السماء من حوله بالرصاص؛ فيستقبلها بمظلة صدره. يكتب بدمه أفصح و أبلغ قصائد الحب للوطن. يخط بجرجرة جسمه خارطة الاعتقاد إن قام انتصر أو سقط انتظر.. من يحمل في لحقه الراية ويعلقها على وتد طويل. أنت معي انتهى العرض: أيهما تقبل هامته؟!..
بقلم: محمد الخفاجي.
|

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق