قصة قصيرة
زيارة من الذاكرة.
زارتني "سعاد" ببيتي القديم الذي لم تصبه تعرية التكنولوجيا الجديدة بضواحي مدينة اليوسفية. عائدة من أوروبا صديقة طفولتي وابنة عمي...لم تتغير كثيرا...لا زالت ملامحها تفيض شبابا،وابتسامتها عريضة جميلة، قوامها رشيق ..يبدو انها لا زالت تتبع حمية قاسية حتى تبدو بهذا الجمال ...
-أتذكرين سعاد..أتذكرين حين كنا نقضي جل عطلتنا الصيفية بالبادية ..أتوصل برسالتك تعلمينني فيها أن الموسم الدراسي انتهى ،وأنك ستغادرين "الصويرة" باتجاه "الخميس زمامرة" عند أقاربنا..ونلتقي هناك...نجلس قبالة "مي زهرة" نتأملها وهي تعجن ،وهي ترمي الخبز فوق "الفراح" وننتظره حتى ينضج..نتلقفه ساخنا ثم نركض باتجاه"الجنان" حيث "عبد الغفور" يجني ثمار "الكرموس" يفتح قشرته الشائكة،ويمد يده مشيرا لنا برأسه بانتشال اللب الأصفر المائل الى البرتقالي..
أتذكرين حين كنا نذهب الى البئر البعيد لجلب الماء..كنت أنت تختارين الحصان وانا اختار الحمار،نمتطيهما بزهو ونتبع "السعدية" باتجاه البئر..أتذكرين يوم السوق الأسبوعي،حين كنت تتباهين بثيابك ونظارتك الشمسية وفستانك الأزرق،نذهب معا لشرب الشاي والإسفنج و"الفول والحمص" بخيمة السوق ..نفترش الحصير ونتأمل الباعة التي تعلو أصواتهم المختلطة بنهيق الحمير و ثغاء الخرفان المعروضة للبيع ..نستريح من عناء الطريق ونحتمي من شمس الصباح لنعود بالمساء محملين و"با الطاهر" ب"المونة الأسبوعية" المكونة من لحم وخضر وسكر وشاي وفول وبعض السكاكر والحلويات للأطفال أقراننا.....
_ايييه..ايام..!
تتنهد سعاد بحسرة وأنتبه أنها ليست وحدها،كان بجانبها صبي أبيض أشقر ..
-إبنك سعاد .."تبارك الله ماشاء الله تزوجتي وولدتي وماعرضتيش علينا أجي سلم على خالتو ..شنو سميتو ؟
-"بنجمان" سميتو "بنجمان" ..لن يفهمك "حسناء" هو لا يفقه العربية !
أشارت سعاد إلى إبنها كي يسلم علي، حادثته بلغة "فلامانية" لم افقه منها شيئا سوى تذمر الصبي واشمئزازه من المكان ومن الهواء داخل البيت القديم ، والذي بات واضخا على وجهه المستاء !
ذاك البيت الذي لطالما قضت ذاكرتنا فيه معظم مواسيمها !
شد الصبي سعاد من تلابيبها ،فوقفت متذرعة بالوقت ..استوقفتها احدثها عن ذكرياتنا بالبادية ،وادعوها الى سفر مماثل ،فاعتذرت باقتضاب مشيرة أنها تتبع حمية،وأنها ستفسد أخلاق ولغة "بنجمان" ..بالذهاب إلى هناك..!
صافحتني سعاد بأطراف أصابعها،ودعتني بالمساء الى جناحها الخاص بفندق المدينة ذو الخمس نجوم...........
-أتذكرين سعاد..أتذكرين حين كنا نقضي جل عطلتنا الصيفية بالبادية ..أتوصل برسالتك تعلمينني فيها أن الموسم الدراسي انتهى ،وأنك ستغادرين "الصويرة" باتجاه "الخميس زمامرة" عند أقاربنا..ونلتقي هناك...نجلس قبالة "مي زهرة" نتأملها وهي تعجن ،وهي ترمي الخبز فوق "الفراح" وننتظره حتى ينضج..نتلقفه ساخنا ثم نركض باتجاه"الجنان" حيث "عبد الغفور" يجني ثمار "الكرموس" يفتح قشرته الشائكة،ويمد يده مشيرا لنا برأسه بانتشال اللب الأصفر المائل الى البرتقالي..
أتذكرين حين كنا نذهب الى البئر البعيد لجلب الماء..كنت أنت تختارين الحصان وانا اختار الحمار،نمتطيهما بزهو ونتبع "السعدية" باتجاه البئر..أتذكرين يوم السوق الأسبوعي،حين كنت تتباهين بثيابك ونظارتك الشمسية وفستانك الأزرق،نذهب معا لشرب الشاي والإسفنج و"الفول والحمص" بخيمة السوق ..نفترش الحصير ونتأمل الباعة التي تعلو أصواتهم المختلطة بنهيق الحمير و ثغاء الخرفان المعروضة للبيع ..نستريح من عناء الطريق ونحتمي من شمس الصباح لنعود بالمساء محملين و"با الطاهر" ب"المونة الأسبوعية" المكونة من لحم وخضر وسكر وشاي وفول وبعض السكاكر والحلويات للأطفال أقراننا.....
_ايييه..ايام..!
تتنهد سعاد بحسرة وأنتبه أنها ليست وحدها،كان بجانبها صبي أبيض أشقر ..
-إبنك سعاد .."تبارك الله ماشاء الله تزوجتي وولدتي وماعرضتيش علينا أجي سلم على خالتو ..شنو سميتو ؟
-"بنجمان" سميتو "بنجمان" ..لن يفهمك "حسناء" هو لا يفقه العربية !
أشارت سعاد إلى إبنها كي يسلم علي، حادثته بلغة "فلامانية" لم افقه منها شيئا سوى تذمر الصبي واشمئزازه من المكان ومن الهواء داخل البيت القديم ، والذي بات واضخا على وجهه المستاء !
ذاك البيت الذي لطالما قضت ذاكرتنا فيه معظم مواسيمها !
شد الصبي سعاد من تلابيبها ،فوقفت متذرعة بالوقت ..استوقفتها احدثها عن ذكرياتنا بالبادية ،وادعوها الى سفر مماثل ،فاعتذرت باقتضاب مشيرة أنها تتبع حمية،وأنها ستفسد أخلاق ولغة "بنجمان" ..بالذهاب إلى هناك..!
صافحتني سعاد بأطراف أصابعها،ودعتني بالمساء الى جناحها الخاص بفندق المدينة ذو الخمس نجوم...........
رشيدة محداد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق