الجمعة، 15 يوليو 2016

هدايا البحر بقلم نور محمد (قصيدة شعر )

هدايا البحر
بقلم نور محمد (قصيدة شعر )
ولد يتيما ومحبا للبحر كان يقضي الساعات ينظر له من النافذة أول كلمة نطقها بابا وهو يشير للبحر دمعت عينا أمه ولاذت بالصمت كون جمله الأولى برفقته كان ينام ليلا على هدهات أمواجه ويصحو صباحا على أصوات نوارسه في عمر خمس تسلل من بيته وأسرع نحوه وقف مذهولا لكمية المياه الكبيرة التي أمامه تقدم بلهفة ووجل وضع قدمه في الماء كان باردا منعشا دغدغت الرمال أقدامه فغاصت فيها حمل بكفيه الصغيرتين غرفة ماء ووضعها على وجهه دخلت بضع قطيرات في فمه أعجبه طعمها المالح أخذ يرمي الماء هنا وهناك لم يشعر بالوقت وهو يركض ويلعب يجمع الأصداف ويدسها في جيبه كانت أولى هدايا والده البحر اخرجه صوت أمه من تجليه سحبته عائدة للبيت وهي تصرخ به أياك أن تقترب من البحر مرة أخرى لماذا ياأمي فهو أبي وأنا احبه صرخت به لقد نبهتك فلا تكررها ارتمى في فراشه باكيا مفكرا كيف يستطيع غدا التسلل لزيارة والده مرت الأيام وهو يتسلل يوميا ويرتمي في أحضان والده فتضبطه أمه ولايتوب وفي الليل يطرح عليها عشرات الأسئلة أماه هل للبحر قلب لماذا اشعر إنه يحبني ويحضر لي الأصداف التي أحبها لماذا اشعر أنه يحتضنني بشوق وتقبلني قطرات الماء وأرى أمواجه تتراقص لرؤيتي نعم ياأماه له قلب كبير كان يبكي إذا سقط المطر لأن والده البحر هناك في الخارج تحت المطر يشعر بالبرد وفي المدرسة طلبت المعلمة من التلاميذ وصف الأب بكلمة فقال متحمسا أبي هو البحر ضحك التلاميذ من جملته فبكى مسحت المعلمة على رأسه وقالت هذه أروع عبارة سمعتها اليوم صدقت ياصغيري فالأب بحرا في العطاء تصارع أمواجه صخور الحياة داخله قلب كبير تعيش فيه أدنى الكائنات وأعظمها في توافق الأب بحرا في حبه بحرا في خيره الذي يقدمه لأولاده فرح بكلامها ولم تهزه الألقاب التي أطلقها عليه التلاميذ يومها سمكة أبن البحر صدفة بل زادته فخرا بنفسه في أحد الأيام عاد للبيت يتمايل نشوة وأسرع لأمه أماه هل تعرفي كيف ينزل المطر لقد أخبرنا المعلم إن أبي هو من يمد السماء بالماء فتتجمع سحابا وينزل المطر الأن عرفت لماذا لون السماء أزرق فهي شقيقة أبي السماء عمتي ياأماه أخذ يقفز جزلا بهذه الحقيقة التي اكتشفها أنا عندي عمه وهي السماء تحسرت الأم ولم ترد عليه اشتكى معلم الرسم منه فهو لايرسم غير البحر مهما نوع له المواضيع لايجد في كراسته غير البحر يرسمه في كل حالاته هادئا صامتا أو صاخبا هائجا عشق اللون الأزرق جميع أغراضه كانت زرقاء ملابسه دفاتره قرطاسيته أحيط باللون الأزرق كان لون حظه يتفائل به وفي يوما ما مرضت أمه فحضر أهلها ونقلوها للمشفى فطلبته اقترب منها باكيا قبلته وقالت له اسمع يابني أنا ساتركك وساذهب لوالدك عليك أن تذهب لبيت خالتك هي تحبك وستعتني بك ارتمى في أحضانها لا أمي لاتتركيني ثم بيت خالتي ليس قربه بحر كيف اترك أمي وأبي في نفس الوقت أجابته بصوت خافت اسمعني يابنب أمك ستتركك مرغمة والبحر ليس أباك البحر عدوك فهو لاقلب له البحر غادر ياولدي البحر هو من قتل أباك لا تأمن يوما للبحر هذه وصيتي يابني لاتسكن مدينة فيها بحرا لاتسكن مدينة فيها بحرا ذهل من الصدمة مرددا كلامها بلا وعي البحر قتل والدك البحر قاتل البحر لاقلب له البحر غادر لا تأمن يوما للبحر لا تسكن مدينة فيها بحرا كانت هذه الكلمات تزئر في داخله وهو يصعد القطار خلف خالته مفارقا أيام عاشها مخدوعا لايعرف لماذا عندما رأى البحر لأخر مرة كان لونه قان وأمواجه تنزف دما والسماء تلبدت ايضا فهي شريكته في الخيانة كان كلما حاول الرسم رسم بحرا بلون الدماء مزق رسوماته ورمى أدوات الرسم مرت السنون وابتعدت أشباح الطفولة فقد أقفل عليها الوقت في حقيبة الذكريات وباتت خيالات باهته لأحداث كثيرا ماشك أنه عاشها في أول أيامه في العمل وقد تم تعينه مدرسا في مدرسة للبنات تخوف في بادئ الأمر فهو لم يعرف من النساء غير أمه وخالته حتى في الجامعة كان بعيدا عنهن كل البعد فكبف بمدرسة كلها بنات استجمع شجاعته وقطع عهدا أن يكون صارما حاسما في تعامله مع الطالبات لكي يتغلب على خوفه وكي يحترمنه دخل حصته الأولى عرف عن نفسه ثم بدأ بشرح الدرس الطالبات كن هادئات شدهن منظره الهادئ الرزين رغم صغر سنه ووسامته كان يكتب على اللوح عندما طرق الباب صاح تفضل دون أن يلتفت فتح الباب دخلت خطوات مترددة ثم ساد صمتا قطعته أحد ى المتبرعات أستاذ هذه موج هي دائما تتأخر عن الدرس فكر حينها بانتهاز الفرصة سيوبخ الأثنتين المتأخرة والفتانة ويثبت قوة شكيتمه من أول يوم سأل بنبرة قاسية جافة ماسبب تأخرك واستمر يخط جمله على اللوح ردت الفتاة بصوت حطم كل ما أعد من خطط صوت أثار داخله وجعا قديما نقله لايام خوال ذكره بوهم أحياه عشقا وحقيقة أماتته كرها عجب لهذا الصوت الذي جمع قوة هدير الأمواج ورقة وشوشت الأصداف صوت لايسمع بل يتسرب لكل مسام جسده ويحمل رائحة البحر صوت ندي كرذاذه منعش كهوائه شعر بلهفة لرؤية صاحبته استجمع ماتبقي لديه من قوة فقد أنهكته الذكرى التقت عيناه بعينيها صرخت في داخله أهات مكتومة يارب لماذا يارب فتح لون الموج في عينيها الواسعتين الباب على مصراعيه عاد صوت أمه المحتضر يطارده البحر غادر ياولدي البحر لاقلب له لاتأمن يوما للبحر لاتسكن مدينة فيها بحرا حمل كتبه وغادر هاربا وفي اليوم الثاني طلب نقله لمدرسة أخرى



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق