مرثية مدينة : بقلم فؤاد حسن محمد
لمن تلك المدينة ؟ ..أبنيتها انتصبت هياكل من خوف ، وشوارعها يطمسها الغبار ، ان شيئاْ وحشياْ خارق للعادة يطفح في عين من ينظر إليها ، أكياس رمل ، دشم ترابية ، أنفاق تحت الأرض ، أعلام سوداء ،شعارات طائفية تحرض على القتل فتحات في الجدران ، قاذورات يتعين التخلص منها سريعا ، وروائح نتنة كأنها تحرج من جثث لم تتحلل نهائيا ، وفي السماء أسراب من الغربان تحلق في دوائر مطلقة أصوات تنذر بالشؤم ،كأن هذه المناظر صنعها اشحاص أجلاف من الخرافات والرماح والتعاويذ والخطب الدينية ،تطفح في عيونهم قسوة بدائية ، الكائنان الوحيدان اللذان يختالان بزهو القطط والكلاب .تهر وتعوي مستمتعة بأكل الجثث .
في أعلى الشارع مفترق تقطعه السيارات بسرعة جنونية ،وبين الفينة والأخرى ملثمون متعجلون يركضون باتجاه واحد ،كما لو أن المسافة لامتناهية ، ولا يمكن إن تعرف كم هو شاق قطع المفرق إلا أذا كنت محكوماً بالموت برصاصة فناص ، كيف تنتبه إلى هذا الوقت اللعين الذي يقتلعك من الزمن إذا غفلت رفّة جفن ، إن حياتك تفترق بين أزيز الرصاص وفراغ الأحلام .
رحلة يومية طويلة بين الموت والحياة لاتفارقه متتبعا بها انفاسة بدون سؤال لماذا انا هنا ؟؟؟ والمحصلة أشبه ماتكون بضعة طلقات من فوهة بندقية روسبة ، مقابل حزن عميق في قلب مواطن متعبا جدا ، إخبروه شيئاً محدداً، أو أخبروه شيئاً لا يجدربه تجاهله، أو على وشك أن يخبروه شيئاً ما لم ينضج بعد ، وجوه السلف التي أبلاها الموت ستعود إذا أحرقنا الزمن .
هكذا وجد نفسه هنا ، في هذه الأنقاض التي تستدرجك إلى التوغل في مزيد من العبث الفاسد ، الذي يقول انه ليس ثمة شئ حي ،في حين إن كل الأشياء موجودة وهي كاملة الحضور ، ولا يمكن لهذا الصمت الظاهر أن يلغيها .
في تلك الظهيرة التي امتلكت خصوصية ،شارك بسخرية الدم فذبح خمسة جنود في مهرجان شعبي ،انشرح قلبه ،حلمه تجاوز متلازمة الخوف ،وهو يستمتع بلعلعة هتافات الشياطين "الله ...اكبر "اشبه بطعنات مؤلمة تتراقص على شفرة السكين .
ضاق رأسه بالفكرة فتدحرجت مع نجيع الدم الى اقرب بالوعة في الشارع ،وللحظة التقت الصورتان وجها لوجه القاتل والمقتول ،تتبادلان تهم تستند الى التاريخ ،ابتلعت العقل في بطنها .
قال الرأس الذي توفف عن الدحرجة وقد شعر بالتباعد الحقيقي :
-كل كلامك معكوس يا جاهل. قال القاتل :
- لهاج !!!!!؟؟؟؟ التقط الرأس الكلمة المقلوبة وابتسم ،ثمة مااضحكه من نبش مقبرة الأحياء السرية ،كان بوسعه ان يرى في الظلام ،من خلف عينيه المغمضتين باحكام مدينة فوق السماء ،تحتضن أوساخاها فوق سقوفها ،رائحة رجالها الملتحين تفوح كمسلخ ،وحموضة اجساد نسائها تنبعث من تحت جلابيبها ،غير ممكن الا ان تشعر بالقرف من حالة الالوهية الماكرة الذي بلغ ذروة الانحطاط .
سوريا - اللاذقية
لمن تلك المدينة ؟ ..أبنيتها انتصبت هياكل من خوف ، وشوارعها يطمسها الغبار ، ان شيئاْ وحشياْ خارق للعادة يطفح في عين من ينظر إليها ، أكياس رمل ، دشم ترابية ، أنفاق تحت الأرض ، أعلام سوداء ،شعارات طائفية تحرض على القتل فتحات في الجدران ، قاذورات يتعين التخلص منها سريعا ، وروائح نتنة كأنها تحرج من جثث لم تتحلل نهائيا ، وفي السماء أسراب من الغربان تحلق في دوائر مطلقة أصوات تنذر بالشؤم ،كأن هذه المناظر صنعها اشحاص أجلاف من الخرافات والرماح والتعاويذ والخطب الدينية ،تطفح في عيونهم قسوة بدائية ، الكائنان الوحيدان اللذان يختالان بزهو القطط والكلاب .تهر وتعوي مستمتعة بأكل الجثث .
في أعلى الشارع مفترق تقطعه السيارات بسرعة جنونية ،وبين الفينة والأخرى ملثمون متعجلون يركضون باتجاه واحد ،كما لو أن المسافة لامتناهية ، ولا يمكن إن تعرف كم هو شاق قطع المفرق إلا أذا كنت محكوماً بالموت برصاصة فناص ، كيف تنتبه إلى هذا الوقت اللعين الذي يقتلعك من الزمن إذا غفلت رفّة جفن ، إن حياتك تفترق بين أزيز الرصاص وفراغ الأحلام .
رحلة يومية طويلة بين الموت والحياة لاتفارقه متتبعا بها انفاسة بدون سؤال لماذا انا هنا ؟؟؟ والمحصلة أشبه ماتكون بضعة طلقات من فوهة بندقية روسبة ، مقابل حزن عميق في قلب مواطن متعبا جدا ، إخبروه شيئاً محدداً، أو أخبروه شيئاً لا يجدربه تجاهله، أو على وشك أن يخبروه شيئاً ما لم ينضج بعد ، وجوه السلف التي أبلاها الموت ستعود إذا أحرقنا الزمن .
هكذا وجد نفسه هنا ، في هذه الأنقاض التي تستدرجك إلى التوغل في مزيد من العبث الفاسد ، الذي يقول انه ليس ثمة شئ حي ،في حين إن كل الأشياء موجودة وهي كاملة الحضور ، ولا يمكن لهذا الصمت الظاهر أن يلغيها .
في تلك الظهيرة التي امتلكت خصوصية ،شارك بسخرية الدم فذبح خمسة جنود في مهرجان شعبي ،انشرح قلبه ،حلمه تجاوز متلازمة الخوف ،وهو يستمتع بلعلعة هتافات الشياطين "الله ...اكبر "اشبه بطعنات مؤلمة تتراقص على شفرة السكين .
ضاق رأسه بالفكرة فتدحرجت مع نجيع الدم الى اقرب بالوعة في الشارع ،وللحظة التقت الصورتان وجها لوجه القاتل والمقتول ،تتبادلان تهم تستند الى التاريخ ،ابتلعت العقل في بطنها .
قال الرأس الذي توفف عن الدحرجة وقد شعر بالتباعد الحقيقي :
-كل كلامك معكوس يا جاهل. قال القاتل :
- لهاج !!!!!؟؟؟؟ التقط الرأس الكلمة المقلوبة وابتسم ،ثمة مااضحكه من نبش مقبرة الأحياء السرية ،كان بوسعه ان يرى في الظلام ،من خلف عينيه المغمضتين باحكام مدينة فوق السماء ،تحتضن أوساخاها فوق سقوفها ،رائحة رجالها الملتحين تفوح كمسلخ ،وحموضة اجساد نسائها تنبعث من تحت جلابيبها ،غير ممكن الا ان تشعر بالقرف من حالة الالوهية الماكرة الذي بلغ ذروة الانحطاط .
سوريا - اللاذقية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق