لا عزاء للسيدات بينما راحت تشرب رشفات من العصير الذي احضرت معه وجبة صغيرة اعدتها الخادمة حاولت ان تبتلع بعدها بضع حبوب ملونة من الادوية كلها مسكنات للالم . رددت والدتها ...ما تفعلي يا ابنتي ..كل يوم مسكنات ..الا تتوقفي ...لقد اكدت جميع فحوصاتك ...انك سليمة ولا مرض عضوي .. نعم يا امي لقد اكد لي جميع الاطباء ان كل ما احتاجه هو الرضا والسلام النفسي في حياتي ...حتى ان بعضهم قال لي مازحا ..غيري حياتك ...فما اغير يااماه ؟ حتى ان زواجي من هذا الرجل الذي يكبرني سنا ..لم يثمر عن طفل اجد سلوى الحياة فيه ..قالت الحاجة ...لقد انتشلنا من الفقر وجعلك تكملي تعليمك ولديك اليوم مكتب للمحاماة ...فما تريدي اكثر من ذلك عزوجاه ...وقد شكا الرجل لي انشغالك عنه ..وعزوفك عن وده ..امي اريد مكاشفتك في امر ..راحت تتحرك جيئة وذهابا ..لقد عشت مع هذا الرجل يرافقني ويشاركني فيه الانكسار والوحدة ..موت ارادي عشته رغم عندي .قالت مرتبكة احب رجلا اخر يا امي .. شهقت الحاجة ولطمت الخدين ...وتمتمت اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..لا بد انك تمزحي يا سعاد رددت سعاد حبه كطفل يلعب مع الملائكة يختبيء بين اجنحتهم يركض في السماء في ازقة النور لقد احببت كاتبا ,,,يرسم و يصور الحياة وينسجها بحروفه,,من مدة ليست قصيرة وكان لنا تعارف في احد امسياته ..وحوارات .وهواتف .. كلما تجول الحزن في ايامي وتوشحها..كانت حروفه افضل دواء يواسيني كنت مع كتبه وكلماته اخوض معركة افشل في حسمها يقودها كاتب لم يترك للحياة مخبأ الا وتناوله ولقد ابتدأ بأعجاب وأصبحنا بعد ذلك متحابين استعدي يا سعاد كي امضي بك الى الشيخ حتى يرقيك مما انتي فيه ..يقرأ عليك نعويذات المس او الحسد ..بالله عليك يا ابنتي .. ستتعرضين الى الم نفسي مفرط حين تقتربين من الامور السيئة ثم صرخت انت تبحثين عن طفل سماوي فلا تبحثي عنه على الارض..عودي الى رشدك ..ولا تغضبي الله في نفسك . احتاج ان اخلع ضلعا قبل ان اخلعه من قلبي يا أمي لقد مزج قصته بدمي حتى يصعب تنقيته منه . هو الجدار الامن الذي استند ظهري اليه ..وأراني سأختم قدري معه بالشمع الاحمر . وانا مع زوجي اصبحت معه مجرد اشياء رصتها الحياة كما هي الاغراض والاثاث..اماه انا استحلفك ...والدموع من عينها تستدر الدموع ..اماه لا تستطيع النساء ان ترتبط عاطفيا برجل لا يرقى الى مستوى تفكيرها فكرها وعلمها ...هناك صحراء قاحلة من الفهم والاحتواء والاستيعاب تفصل بيننا ..فأكراما لهذا الرجل ...طلفيني ودعيني اولد من جديد مع من احب ...عن اي حب تتحدثين يا سعاد ..في زمن الرجال فيه يقتلون انفسهم من اجل فوزهم بحور العين في الجنة ؟.وديدنهم احقية الزواج بأربعة .؟ رن جرس الهاتف هرعت اليه بلهفة متحدثة بصوت منخفض وشيء من الارتياح تسرب لداخلها همت بالخروج فأذا صوت زوجها الى اين سعاد ..سأشتري بعض الاغراض واعود ان احتجت شيء ...الخادمة ستلبي دلفت سعاد الى سيارة اعطت صاحبها عنوان الكاتب الذي طالما زارته في مكتبه الذي تعد سكرتيرته فناجين القهوة..قبل ان تنتهي ساعات عملها.تمضي وطالما اقنعها انه يستقبلها وحدها ..ولم يحدث ان اختلى بأي امراة من معجباته .. لكن سعاد ..تفاجأت يوما . بخروج امراة من مكتبه وقد كانت تبالغ في زينتها ..وعطورها ..سألته عنها ..هل تشكين في يا سعاد ..او لا تقراي في كتاباتي ..كم اقدس القلوب واحترمها حصرا ؟..دخلت الريبة في قلب سعاد فعكفت الى مراقبة مكتبه ..حتى تأكدت من تردد النساء عليه .,وان له عدة عشيقات ومعجبات ..دخلت في شرود لا يحده شيء شرود خرج بها من الوجود كله عين تؤمن ..وعين تكفر بما رأت ..ركضت الى صنبورماء قريب وراحت تبلل يدها وتمسح بها على وجهها المرهق ثم قالت وابتسامتها منطفئة كنت اعتقدك احد البشر الباقين على الارض كنت الضوء لعيني ..والكلام لفمي ... وكنت امراة تحتضر ...والان تعلن انت موتي لقد جأت اليك لاعيد ولادتي ,,لا لتستفزالموت في وتعلق شهادته علي فهل كنت تبيعني مواساتك ؟.. لقد قامرت بسنين عمري المتبقية حتى لا اموت بعيدا عنك . قال :..لست ملاكا وتعبت من الحفاظ على وقاري امامك كأب صارم ...يحدث ان يضعف الطبيب امام نزف مرضاه يا سعاد وما افعل ان كنتِ ترفضين ان تحررين تفسك من العيب والحرام ..لقد استطاع الغربيون القفز فوق التقاليد والعادات ... وليس كل ما يكتبه الكاتب يعنيه ..هو يكتب ما يكسب ود الناس اليه احيانا .ليس الا قالت سعاد مذهولة : ولكني لم اعحب سوى بالتزامك لقضايا الانسان ...وحريته لا اراها سيفا نشهره في وجه المباديء والقيم كم من الناس مخدوعون بك كم وكم منهم من امن بحروفك وفلسفتك في الحياة نبراسا لهم ؟ اهدأي يا سعاد ..لازلت احمل لك الكثير من الحب والاحترام ... صرخت سعاد اخرس ..يا سمسار الحروف عشرات من الكتب اجتهدت في تأليفها عن الحب وسماويته ..ولم تعرف ان تعيشه ولو للحظة .كتبت عن الحرية ...وانت قابع في كهف تعبد ملذاتك وهيكلك البشري . احترامك ...ليتني اعد ابادلك اياه . عادت سعاد الى البيت .مذهولة من هول الصدمة وقد انهارت صورة المثل الاعلى امامها ..دلفت الى مكتبتها الصغيرة ..رمت معظمها في الموقد القريب منها ..ثم عرجت الى غرفتها .فوجدت الخادمة في مخدعها وقد تزينت بزينتها وتعطرت بعطورها وقد سلمتها ورقة طلاقها. نور
 |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق