الاثنين، 30 مايو 2016

- الاستثناء والتحديات - بقلم الكاتب ناجح صالح

- الاستثناء والتحديات -
نرى أحيانا مشهدا يثير فينا الاستياء والاشمئزاز معا ، يتمثل هذا المشهد بنفر من الناس يرتدون أردية منافية للذوق العام ، ويسلكون سلوكا فيه من الغرابة ما فيه ، يعربدون ويصخبون ، فلا ترى فيهم بقية من حياء . وما يسعنا الا أن نقول انه استثناء وليس بقاعدة ، ذلك أنه احتوى البعض من المجتمع .
أما أن تطغى العيوب والمساويء على سلوك المجتمع عامة ، ثم يتراءى لنا نفر من الناس يستهجنون هذا السلوك وطبعت سيرتهم بما يرضي فطرتهم من سلوك حسن وخلق رفيع فهؤلاء هم الاستثناء وسط مجتمع غلب عليه الاعوجاج .
ونحن نرى أيضا أن هذا الاستثناء له جوانب متعددة منها ما فيه اضاءات مشرقة ، فحينما تظهر نخبة ممتازة من الأفراد تقود المجتمع الى رقيه ونهضته فمعنى ذلك أن هذه النخبة هي استثناء من المجموع الذي ليس له القدرة أن يفعل كما تفعل .
ولعلنا ندرك تماما أنه في نطاق الأسرة قد يولد فرد منها له من المواصفات ما تجعله مؤهلا للتأثير على من حوله بما يحمله من مواهب متعددة ، في حين أن الآخرين من أسرته ليس لهم شيء مما لديه من قدرات وهو بذلك استحق أن نصفه بالاستثناء .
وعلى عكس ذلك تماما حينما يولد فرد من الأسرة ناقص الذكاء ليست له القدرة على فعل شيء فهو أيضا استثناء وسط أسرة لها مواصفات عالية من المواهب والقدرات .
وحينما تتجاوز الفتاة تقاليد أسرتها وتخرج عن المألوف الذي يحتويها فهي بلا ريب استثناء .
ان الوردة الزاهية الألوان بين أوراد باهتة هي استثناء ، وكل نبتة تغاير جنسها هي استثناء .
واذا ما هطلت الأمطار في بقعة من الأرض لم تكن تجود بها السماء برذاذ من قبل فهو استثناء .
واذا ما كان صيف ذلك العام ساخنا شديد الحرارة على بقعة من الأرض كانت في الأعوام السالفة معتدلة لطيفة الهواء فهو استثناء .
ان الاستثناء حالة من الحالات لها بصمة في كل ركن من أركان الحياة .
أليس الرسل والأنبياء هم حالات استثنائية وسط مجتمعاتهم وأقوامهم ؟ أليس كل من وقف يدعو الى التوحيد وسط الضلالة وعبادة الأصنام هو حالة استثنائية ؟
أليس من يدعو الى العدل وسط مظالم لا تعد ولا تحصى هو حالة استثنائية ؟
تزداد مخاوفنا اذا تحول الاستثناء الى قاعدة والقاعدة الى استثناء ، ذلك أن رياح التغيير السريعة التي تشهدها المجتمعات قد تفعل مفعولها بشكل سيء بحيث لا يمكننا هضمها ليكون المشهد أكثر قتامة وأذى وتدميرا ، فان كانت لنا حصانة فأننا حينئذ تكون لنا القدرة على التحديات .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق