الاثنين، 30 مايو 2016

- ضاقَ الخِناقُ - بقلم الشاعر الدكتور ابراهيم الفايز

------- ضاقَ الخِناقُ ------
-- للشاعر الدكتور ابراهيم الفايز - 

النَّاسُ جَمْعانِ أَخْيارٌ وأَشْرارُ
والدَهْرُ يَوْمانِ إقْبالٌ وإدْبارُ
والخَيْرُ والشَّرُّ مَخْلوقانِ مِنْ قِدَمٍ
ضِدّانِ بينهُما في الكَوْنِ أَسْتارُ
وحَالُنا هذِهِ ما بَيْنَ مَشْرِقِها
وبَيْنَ مَغْرِبِها تَبْكي لَهُ الدارُ
ضِعْناعلى هامَةِ الدُّنْيَاوَضَيَّعَنا
حُبَُ الحَياةِ وَسِمْسارٌ ودولارُ
وما بِنَا مِنْ عِيوبٍ غَيْر فِرْقَتِنا
وإنَّنا دُوَلٌ شَتَّى وأَقطارُ
كُنَّا نَوارِسَها إِذْ حُبُّنا دَنِفٌ
وَإِذْ سَمانا بها شَمْسٌ وأَقْمارُ
واليَوْمُ لا شَمْسُناشَمْسٌ ولا قَمَرٌ
ولا سَماءٌ ولا السُمّارُ سُمّارُ
--- ---- ---
مَآتِمُ الحُزْنِ في بَغْدادَ شاهِدَةٌ
والقُدْسُ مَقْطوعَةُ الأكبادِ تَنْهارُ
وهذهِ بَلَدُ الخرطومِ يَقْتُلُها
فَقْرٌ وكَثْرَةُ أَمْراضٍ وَإقْتارُ
وتلكَ مِصْرُ أَضاعوها عُروبَتَها
وفي الجَزائِرِ مَذْبوحٌ وَجَزّارُ
وفي الخَليجِ دُوَيْلاتٌ مُعَطَّلَةٌ
وَيْلٌ لها هِيَ للأشْرارِ أَوْكارُ
وحاكموكَ ذَوَي التيجانِ ياوَطَني
أَشْباهُ أَزْلامِ لا يُرْجى بِهِمْ ثارُ
هُمْ حاصَرونا على غَدْرٍ وهم قَتَلُوا
مِنَّا وَهُمْ عَبَثًوا فينا وَهُمْ جاروا
إِذْ جَيَّشوا دُوَلاً كُبرى تُقاتِلُنا
وبَيْنَنا أَبْحُرٌ شتّى وَإبْحارُ
---- ---- -----
سَلْ حَاكِميكَ عن الأقصى مَعالِمُهُ
ضاعَتْ وأرْكانُهُ الشَمّاءُ تَنْهارُ
أَيْنَ القِبابُ الّتي كانت تُزَيّنَهُ
أَيْنَ المنابرُ للأيامِ أنوارُ
أَيْنَ المآذِنُ في الأسْحار صادِحَةٍ
أَيْنَ المُصَلّونَ والمِعْراجُ يا ثارُ
وأَينَ أَطْفالُنا أَكْبادُنا قُطِعَتْ
في العامِرِيَّةِ إِذْ شَبَّتْ بها النارُ
صاروا وفي ذِمَّةِ التاريخِ قَدْ رَحَلوا
يا ليتَهُمْ لِخَرابِ الدَهْرِ ما صاروا
---- ---- -----
ضاقَ الخِناقُ فَأَمَّا الذُلُّ والعارُ
أَوْ ثَورةٌ تَجْعَلُ الطاغوتَ يَنْهارُ
يَقودُها فِتْيَةٌ لا حَتْ بَيارِقُهُمْ
كَأَنَّهُمْ عَلَمٌ في رَأْسِهِ نارُ
فَوَحِّدوها سَتَأْتيكُمْ كَتائِبُها
كالْغَيْثِ مُنْهَمِرٌ كالْسَيْلِ هَدّارُ
وابْنُوا النُفوسَ لِتَأْتيكُمْ نَفائِسُها
طَوْعاً وسيروا كَما أَجْدادِكُمْ ساروا
لَوْ أَنَّ ماجِدَةً نادَتْ لِمُعْتَصِمٍ
لَانْسَلَّ مِن رَحَمِ الأَجْداثِ كَرّارُ
أَوْ نادَتْ البَصْرَةُ الفَيْحاءُ ثائِرَةً
أَوْ هَبَّ في الموصِلِ الحَدْباءَ إعْصارُ
سَمِعْتَ مِنْ كَرْبلاءَ المَجْدِ نَخْوَتَهُمْ
لَبَّيْكَ أَرْواحُنا تَفْديكَ يا جارُ
------ ---- ----
ضاقَ الخِناقُ فلا أَهْلٌ ولا جارُ
ولا جَليسٌ ولا في الدارِ دَيّارُ
ولا عِراقٌ بِهِ تَرْسوا سفينَتُنا
أَمَّا الجِوارُ فهُمْ بالأَمْسِ قد جاروا
والأَقْرَبونَ لنا ضاعَتْ هَوِيَّتُهُمْ
وما لَهُمْ في تخومِ ِالأَرْضِ أَخْبارُ
فَانْهَضْ مُعافى سَليمَ القَلْبِ ياوطني
فَكُلُّنا لَكَ في الهَيْجاءِ أَسوارُ
هذي فِداكَ بنو الأَنبارِ يا وطني
إِنْ سامَكَ الدَهْرُ والأَنْبارُ أَنْبارُ
أُسْدٌ اذا زَأَروا سَيْفٌ وَأَنْتَ لَهُمْ
غِمْدٌ وَهُمْ لَكَ في الهَيْجاءِ بَتّارُ
وَاللَهِ لَوْ سُلِبَتْ شاةٌ لَقاتَلَهُمْ
نَخْلُ العراقِ وشُطْآنٌ وَأَنْهارُ
حتى تَعودَ لِمَرْعاها مُعَزَّزَةً
تَبّاً لَهُمْ ما لَهُمْ عَهْدٌ ولا جارُ
فَإِنْ لَوى الدَهْرُ أَيْدينا سَنَقْطَعُها
ولا نُبالي أُلو بَأْسٍ وثُوّارُ
إِنَّاعلى سُوحِها أَمْضى نُعانِقُها
لها خُلِقْنا وَإِنْ طالَتْ فَصُبّارُ
لا بُدَّ مِنْ بَعْدِ طولِ العُسْرِمَيْسَرَةٌ
وبَعدِ طولِ خّرابِ الدَهْرِ إعْمارُ
------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق